نحن كعرب يهمنا أن تعود مصر لتمارس دورها القيادي في الشأن العربي، فبعد الانكماش المصري عن العمل العربي، في العهد السابق تناثر العرب وتفرقوا وسهلوا على أعدائهم وحدثت خروقات أجنبية هنا وهناك وتقوقعت كل دولة داخل حدودها، وانضمر العمل القومي ولم يبق منه إلا الشكل الدعائي الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، وكادت الجامعة العربية تنتهي. وفي غياب مصر عاثت إسرائيل في فلسطين ولبنان، وقامت بجرائم حرب لم تر البشرية مثلها أبداً وتجاوزت القوانين الدولية، وتعدت على حقوق الإنسان وحاصرت ومازالت شعباً كاملاً دون أن يتحرك ساكن في العالم لردعها أو إيقافها عند حدها.

Ad

في غياب الدور المصري بدأت إيران في التمدد نحو الساحة العربية، عقائدياً وسياسياً وعسكرياً بالتواصل مع الأقليات الشيعية في الدول العربية، وتجنيد الموالين لها، ودعمهم المادي والمعنوي، وتدريب بعضهم وتجهيزهم، وتشكيل خلايا مسلحة، كما حدث في العراق، ولبنان واليمن، والبحرين أو خلايا غير مسلحة كما يحدث في السعودية، أو تشكيل خلايا دعوية كما يحدث في مصر والسودان ودول المغرب العربي، أو تشكيل خلايا جاسوسية كما حدث في الكويت.

وفي غياب مصر أصبح لتركيا دور إقليمي خصوصاً في العالم العربي يضاهي دور أكبر الدول العربية حجماً وتأثيراً، وبدأت الشعوب العربية تبني عليها آمالاً وتنظر لها كمخلص لها وتدعوها إلى التدخل لحل مشاكلها الداخلية.

وفي غياب مصر انتشرت القواعد العسكرية الأميركية في الدول العربية كي تؤمن لها الحماية من التهديدات الإقليمية المتنامية بناءً على اتفاقيات أمنية بعد تعطل الاتفاقيات الأمنية العربية والعجز الكامل لجامعة الدول العربية.

وفي غياب مصر يموت الآن مئات السوريين كل يوم بآلة الحرب الطائفية دون أن يتحرك أحد لنصرتهم أو الضغط على نظام الحكم هناك والداعمين له.

فهل تعود مصر للقيام بدورها القيادي في العالم العربي لتعيد اللحمة العربية، وتنهض بالأمة، وتعيد لها روحها ومصالحها المشتركة، وتحيي الأمل من جديد بالوحدة المنشودة؟ أم تظل حبيسة التحديات الداخلية التي قد تشغلها عن القيام بهذا الدور المقدر لها والذي لا يستطيع غيرها القيام به؟