قضاة مصر يحرجون مرسي... والثوار يستعدون لـ «العصيان»

وصل تصعيد قضاة مصر إلى أقصى مدى له أمس بإعلان الجمعية العمومية لكل من محكمة النقض ومحكمة استئناف القاهرة تعليق العمل لأول مرة في تاريخها، رفضاً للإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس محمد مرسي الخميس الماضي وفجر أزمة بين مؤسسة الرئاسة والسلطة القضائية، وفيما يعد إحراجاً للرئاسة رهنت المحكمتان العودة عن موقفهما بتراجع الرئيس عن قراره.

وقال نائب رئيس محكمة النقض المستشار مصطفى عبدالفتاح لـ"الجريدة" إن "الجمعية العمومية للمحكمة أكدت رفضها لما يُسمى بالإعلان الدستوري جملة وتفصيلاً، وطالبت الرئيس بإلغائه"، لافتاً إلى أن القرار جاء بالأغلبية حيث أيده 260 عضواً من إجمالي 275، من جهته، بينما أكد عضو محكمة استئناف القاهرة المستشار هشام بشير لـ"الجريدة" أن قرار تعليق العمل جاء بإجماع الأعضاء.

وكشف نائب رئيس محكمة النقض المستشار محمود الشريف أن رئيس مجلس القضاء المستشار محمد ممتاز متولي قال إن لقاءه مع الرئيس مرسي، مساء أمس الأول تضمن مطالبتهم بإلغاء الإعلان أو إرجائه مدة شهرين على الأقل إلا أنه رفض، ما أنهى الاجتماع دون التوصل إلى أي نتيجة.  إلى ذلك، قالت المحكمة الدستورية العليا، في بيان شديد اللهجة ألقاه المستشار ماهر سامي، أمس، إنها لن تخضع لأي تهديد أو ابتزاز أو ضغوط تمارس عليها في أي اتجاه، ومستعدة لمواجهة كل الضغوط "حتى لو استغرق ذلك أرواح قضاتها"، مشدداً على أن "المحكمة ستنظر دعاوى حل الجمعية التأسيسية ومجلس الشورى في موعدها يوم 2 ديسمبر المقبل".

ورفض المستشار سامي اتهامات الرئيس مرسي في خطابه الأخير وسط أنصاره أمام قصر الاتحادية الجمعة الماضية، بتسريب الأحكام القضائية قبل النطق بها، لافتاً إلى أن المحكمة الدستورية طلبت "موافاتها بما وصل إلى علمه من تفاصيل هذا الاتهام".

 في السياق، تواصل إضراب القضاة لليوم الثاني على التوالي بمقر نادي القضاة في وسط القاهرة. وقال سكرتير النادي المستشار سامح السروجي لـ"الجريدة" إن "الاستجابة لتوصية عمومية القضاة بتعليق العمل تقارب نسبة 90 في المئة في المحاكم، ومع خروج قرار من الجمعيتين العموميتين لمستشاري محكمتي الاستئناف والنقض بتعليق العمل ستصل نسبة الإضراب وتعليق العمل إلى 100 في المئة".  إلى ذلك، عبّر مصدر مطلع لـ"الجريدة" عن قلقه إزاء تطور الأحداث التي تمر بها البلاد في الوقت الراهن، وأكد مخاوفه إزاء تبني مواقف متشددة سواء من مؤسسة الرئاسة أو من القوى الوطنية حيال الإعلان الدستوري.

مليونية الجمعة    

في غضون ذلك، طالب رئيس حزب "الدستور" محمد البرادعي المتظاهرين في الميادين بالاستمرار في الاعتصام، قائلا في تغريدة له أمس "إلى شعب مصر في كل الميادين من أجل الحرية والكرامة، اثبت مكانك"، بينما وجه "التيار الشعبي" بزعامة حمدين صباحي، التحية للشعب على مشاركته في إحياء مليونية "للثورة شعب يحميها" أمس الأول، مطالباً الجميع بالاحتشاد في الميادين غداً لإحياء مليونية "العصيان المدني"، التي دعت لها القوى المدنية لتأكيد استمرار الثورة والمطالبة بتحقيق أهدافها كاملة.  وقالت القيادية بحزب "الوفد" مارغريت عازر لـ"الجريدة" إن أحزاب اليسار والتيار الليبرالي والتيار الناصري قررت التكتل والتوحد في مليونية "العصيان"، مضيفة: "سنرفع جميعا مطالب موحدة تتلخص في إسقاط الإعلان".

 في المقابل، كشف مصدر إخواني لـ"الجريدة" ان جماعة "الإخوان المسلمين" بمشاركة قوى سلفية قررت تنظيم مليونية بعد غد لم يتم تحديد مكانها بعد، للرد على مليونية "للثورة شعب يحميها" التي نظمتها القوى المدنية أول أمس. وأكد المصدر أن الجماعة ستنظم مسيرات حاشدة في جميع المحافظات لتأييد الإعلان الدستوري.

اشتباكات متواصلة    

 وبينما أكد مصدر مسؤول أن وزارة الداخلية لن تقتحم ميدان التحرير لفض اعتصام القوى المدنية، تصاعدت أمس حدة الاشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين في ميدان سيمون بوليفار، الذي يتوسط المسافة بين ميدان التحرير والسفارة الأميركية. واستمرت الاشتباكات في محافظتي الغربية والدقهلية بين المتظاهرين من القوى المدنية وبين أنصار جماعة "الإخوان المسلمين"، التي تعرضت بعض مقاراتها للحرق أمس الأول بالمحافظتين.

وباتت أعداد كبيرة من متظاهري مليونية "للثورة شعب يحميها" ليلتها في ميادين مصر خصوصا التحرير الذي يشهد اعتصاماً لليوم الخامس على التوالي، وأعلنت وزارة الصحة المصرية في بيان لها ارتفاع عدد المصابين في اشتباكات ميدان التحرير بالقاهرة وميدان الشون بالمحلة الكبرى ومحافظتي البحيرة والدقهلية إلى 260 مصاباً.