كنت كعادتي الصباحية أحتسي قهوتي، وأتحدث إلى صديقتي لولو العزيزة، وكنا نمارس رفاهية التذمر، وعادة ما تنتهي مكالمتنا لضعف الشبكة بسبب "الأصنصير"، ونحو ذلك. بعد التذمر، ننهي المكالمة ونقوم إلى عملنا المعتاد وبعدها أستمع إلى مزيد من التذمر بين الزملاء، وعلی "تويتر" وفي جميع شبكات التواصل الاجتماعي.

Ad

تلك هي أهم فعاليات الكويتي؛ التذمر دون أي محاولة لتغيير الواقع. في أحد أيام الرطوبة والمطر، شاهدت عاملاً يقود دراجته النارية المتواضعة، وهو يقوم بتوصيل طلب من المطعم الذي يعمل فيه إلى إحدى الوزارات، بدا لي رغم طبيعة عمله المرهقة سعيداً راضياً، وكان يلقي النكات عندما لامه أحد الموظفين على تأخره!

شعرت بخجل غريب، لكوني أتذمر من أشياء وأحداث يومية عادية لا تستحق، في حين هناك من يعمل بصمت، بل وتزين الابتسامة وجهه، ولا يتوقف عن بث روح المرح في من حوله.

المشكلة أن التذمر بات واحداً من الرفاهيات التي يمارسها الشعب الكويتي، وإذا لم نجد موضوعاً نتحدث عنه فإننا نفتح باب التذمر لكسر الملل أو الحديث في هموم مشتركة.

وجود دورات وكتب تحثنا على التفاؤل والإيجابية، تدل على وجود مشكلة لدينا لأننا حتى إن تخلصنا من عاداتنا السيئة فلا نستطيع أن نخلص بقية أفراد المجتمع منها، وهنا تكمن المصيبة، وهي أننا محاطون بأولئك الذين لا يرون سوى الجانب المظلم من الأمور.

كنت ومازلت مؤمنة أن الحل يكمن في الاحتكاك ومساعده المسحوقين والمساكين في المجتمع. أتمنى من الآباء أن يشجعوا أبناءهم على العمل التطوعي بدلاً من تحبيطهم، نود أن نغرس في قلوبنا وقلوبهم بذور الخير حتى نتخلص من عاداتنا السيئة والقبيحة، وابتداء من اليوم سأحرص، أثناء محادثتي مع صديقتي لولو، على أن نحمدالله على نعمه بدلاً من التذمر.

قفلة:

ستخصص المكتبة الوطنية قسماً يخدم المكفوفين عبر توفير كتب على طريقة "برايل"، وهي خطوة رائعة، ولكن إخواننا المكفوفين يطمحون من وزارة الإعلام أن تقوم بطباعة الدوريات الثقافية بطريقة "برايل"، ومنّا إلى "الإعلام"، حيث إن الارتقاء بالشعوب يتم من خلال القراءة للجميع، دون استثناء إخواننا المكفوفين.