حكومة غير مقنعة حتى الساعة
إضراب العاملين في قطاع الجمارك ليومين أو ثلاثة، لا أكثر، كشف حقيقة رداءة الوضع الذي نعيشه، وأقول هذا، لأنه عندما تتقلص كميات المواد الغذائية بالشكل الذي رآه الناس وعايشوه خلال تلك الفترة البسيطة، وعندما ترتفع الأسعار بتلك الطريقة الفاحشة والمخزية في ذات الوقت، فهذا دليل صارخ على رداءة الوضع وتهالكه، بلا أدنى شك!تلك التصريحات الرسمية التي لطالما طمأنت الناس بأن الأمن الغذائي للكويت متين جدا، وأن البلد قادر على الصمود لما لا يقل عن ستة أشهر في حال حصول أزمة لأي سبب من الأسباب، لا سمح الله، انكشف أنها في الحقيقة ليست إلا هواء ساخنا تم إطلاقه آنذاك للتكسب الإعلامي، وأنه في حقيقته بعيد جدا عن واقع الأمور. وهو الأمر الذي لا بد أن يجعلنا نستشعر قلقا حقيقيا، مما يمكن أن تصير عليه الأمور، في حال قيام حرب في المنطقة، على سبيل المثال، خصوصا أن المنطقة ساخنة جدا، وأن هذا الاحتمال قائم فعلا، مما قد يؤدي إلى إغلاق المجال الجوي وحركة الملاحة الجوية ربما!
إضراب العاملين في الجمارك، على قصره، مثَّل بالنسبة إلي امتحانا سريعا ومكثفا لقدرة هذه الحكومة على الإدارة السريعة والحاسمة، وقد كشف هذا الامتحان بأن الحال لا تسر، حيث أخفقت الحكومة على كل مستوى، سواء في إدارة الأزمة مع العاملين في الجمارك أنفسهم، أو في التعامل مع تبعات إضرابهم وإغلاق الحدود في وجه حركة دخول المواد الغذائية، أو في التعامل مع الجشع الضارب الذي ظهر ممن سأسميهم بتجار الحروب والأزمات، ممن استغلوا الفرصة للكسب السريع من خلال رفع الأسعار واستغلال حاجة الناس! وهذا كله، يجعلني شخصيا، وأظن أن الكثيرين يشاركونني ويشعرون بذات الشعور، في قلق من قدرة هذه الحكومة، كما ذكرت سابقا، على التعامل مع الأزمات الحقيقية إن هي عصفت بالكويت. وموضوع الشعور بعدم الثقة من قدرة الحكومة اليوم، أؤمن بأنه قد صار ضاربا في العقل والوجدان الشعبي، إلى حد كبير، وذلك لأن إدارة الحكومة لكل ملفات الأزمات المختلفة التي تصاعدت خلال الأشهر القليلة الماضية، لم يكن ناجحا بشكل واضح، ناهيك عن أن يكون مذهلا، حتى يمكن أن يؤدي إلى استعادة الناس ثقتهم بالحكومة، وهي الثقة التي فقدت وسقطت بضربات قاضية عبر السنوات المتعاقبة في زمن رئاسة الرئيس السابق.بل إن كثيرين، صاروا لا يترددون اليوم عن القول، وبكل مباشرة، بأن الحكومة الحالية برئاسة الشيخ جابر المبارك لا تفرق عن الحكومات السابقة برئاسة الشيخ ناصر المحمد، من ناحية القدرات على العمل لأجل النهوض الحقيقي بواقع البلد الذي تجاوز مرحلة التعثر، فوصل إلى مرحلة الشلل والمرض المعقد!لكنني ومع هذا، وبالرغم مما قلت، فسأظل آمل أن أرى من الحكومة، بقيادة رئيسها الشيخ جابر المبارك، من الإنجازات القوية، ولو إنجازا واحدا، ما يجعلني أغير نظرتي السلبية تجاه مسار الأمور.ومن نافل القول، بأنه لا إنجازات قوية دون قرارات نوعية متميزة، ودون مواجهات صريحة للملفات العالقة والمعطلة، ودون تعامل صادق على مستوى الأزمات، وأما ما سوى ذلك فليس إلا مضيعة للوقت والجهد والمال.