الرسالة التي وجهها مؤخراً أكثر من ألف مواطن كويتي أغلبيتهم من الشباب وجمهور التيار المدني إلى القيادة السياسية من أجل الاستقرار، ودعم أسس الدولة المدنية هي رسالة مزدوجة يجب أن يعي معانيها أيضاً نواب وسياسيو التيار الوطني المدني، لأنها بجانب ما تحتويه من مطالبات إلى سمو الأمير بضمان الاستقرار والخروج من أزمتنا السياسية، تكشف عن حقائق خطيرة لربعنا نواب العمل الوطني وأصحاب المنبر الديمقراطي والتحالف الوطني، أهمها أن قواعد الحركة المدنية من التيار الوطني لم تكن يوماً من رواد مسرحية "ديوان الحربش" المفتعلة أو حركة "ارحل" في ساحة الإرادة وأحداث مواقف قصر العدل. الموقعون على الرسالة أثبتوا أنهم كانوا واعين لمن افتعل أحداث "مجلس 2009" ومن كان يحركها من التيارات الدينية من الإخوان المسلمين والسلفية الطالبانية والتجمعات القبلية، وما كانوا يبثونه خلالها من نعرات طائفية وعرقية، بالإضافة إلى مَن كان يستغلهم جميعاً من أطراف مصلحية، سواءً كان من قوى اجتماعية أو من الأسرة، وأن تلك الأحداث لا تمثل إطلاقاً مشروع الكويتيين المدني الديمقراطي القائم منذ منتصف القرن الماضي، ذلك الجمع من الشباب الواعي الذي صاغ تلك الرسالة ضاعت أصواته في تلك الفترة في خضم الصراخ المتزايد الذي ساد حينئذ وكان يوزع الاتهامات والأحكام على من يخالفه الرأي أو يطلب التريث وإعمال العقل في مقاربة التطورات السياسية المتسارعة وما صاحَبها من ممارسات خطيرة طائفية وعرقية، وهؤلاء الشباب لم يجدوا من يستمع لهم بهدوء، فسادت غوغائية العمل السياسي وصراخ الخطاب الأصولي الطائفي والعرقي الذي نتج عنه مجلس الأمة 2012، الذي انقلب على مبادئ الدستور وبدأ العمل الدؤوب على تحويل الدولة إلى نسخة طالبانية جديدة تُقيَّد فيها الحريات وتمنع التعددية وحرية الاعتقاد وضمانات إبداء الأقلية لرأيها والتعبير عنه. رسالة الشباب تلك، جاءت في وقتها، لتضع نواب العمل الوطني خاصة عند مسؤوليتهم، لأنهم المعنيون بالدولة المدنية الديمقراطية، وتحديداً إن كانوا سيحترمون حكم المحكمة الدستورية الذي أعاد مجلس الأمة 2009 بحكم الدستور إلى الحياة، وأعاد تفويض الناخبين لأعضائه لكي يزاولوا مهام تمثيل الأمة في المجلس التشريعي، وهو أمر يمثل آلية العمل الدستوري الصحيح بعيداً عن التفسير "الشوارعي" للدستور الذي يقوم به البعض في الساحات باعتبار مجلس 2009 المنتخب ساقطاً بـ"الغوترة" والصراخ بعد أن يكيلوا اتهامات الرشاوى والإيداعات المليونية ويكونوا هم الخصم والحكم فيها، لذا فإن رسالة الاستقرار الأخيرة تدق الجرس لتنبه إلى أن الغالبية الصامتة وجمهور التيار الوطني سيراقبان استجابة نواب العمل الوطني بالدرجة الأولى وغيرهم من النواب لحضور جلسة القسم لاستكمال الإجراءات الدستورية واحترام حكم المحكمة الدستورية التي تمثل الناظم المعتمد والرسمي لإعمال النصوص والإجراءات الدستورية الصحيحة في الدولة المدنية الدستورية، أم سينجرون مرة أخرى إلى ساحة التفسير "الشوارعي" للدستور ومستغليه ومستخدميه للمشاريع الأصولية والعرقية والمصالح الشخصية؟!
Ad