من منطلق المثل القائل "كما تدين تدان" فإن ممتلكات النظام السابق في العراق بأبنائه والمقربين منه وأعوانه، صادرها وتقاسمها عدد كبير من المسؤولين الجدد في بغداد، كما فعل هو تماما بممتلكات آلاف العراقيين. ورغم تكليف أكثر من لجنة حكومية رفيعة المستوى بحصر تلك الأملاك، فإن أي عملية جرد لم يُعلَن عنها خلال الثماني سنوات الماضية. ووفقاً لمثل "ما أشبه اليوم بالبارحة" فإن بيع تلك الأملاك يتم بشكل يومي وخفي، عبر مزايدات صورية وصفقات مثيرة، استغلالا لبند قانون بيع وإيجار أملاك الدولة النافذ المفعول، في ظل كثرة أملاك النظام السابق والمقربين منه وبعض مَن يسري عليهم قانون مصادرة أملاكهم تحت بند قربهم من النظام، حيث تتوزع في عموم مدن العراق وأراضيه. وبموجب القوانين المقرة فقد تم تحويل هذه الأملاك جميعا إلى تصرف وزارة المالية باعتبارها أملاكا للدولة، وقدرت في عام 2005 بأكثر من 32 ألف عقار، وهذا عدد أولي أو تقريبي، إذ إن العدد أكبر من ذلك بكثير، فضلاً عن عشرات الآلاف من الأبنية التي بينها بساتين وبيوت وعمارات وغيرها. وقد سجلت بعض الأملاك بأسماء ذات صلة بالنظام السابق، مثل مجزرة مواشي ودواجن من الصنف الأول تقع في منطقة اللطيفية تابعة لنجل صدام عدي صدام، لكنها سجلت باسم شخص مقرب منه وتمت مصادرتها، وكذلك بساتين بعضها يعود إلى عزت الدوري وأعضاء القيادة القُطرية وضباط كبار مقربين، كانوا اشتروها من أصحابها بطرق مختلفة، إما بالاتفاق أو التهديد أو أعطيت كهبات، وبعد التغيير عاد أصحابها الأصليون واستولوا عليها مدَّعين أنها سلبت منهم، وهو ادعاء غير صحيح إلا في ما ندر. ومعظم حكّام العراق والقيادات السياسية الحالية، يسكنون "بيوت حاشية صدام" داخل المنطقة الخضراء التي تحتوي كذلك على المجمع الرئاسي والقصر الجمهوري الذي استضاف القمة العربية أواخر الشهر الماضي، فإبراهيم الجعفري مثلاً يسكن أحد قصور عدي، كما يقطن برهم صالح قصر ابنة صدام رغد، وموفق الربيعي الذي كان يعمل مستشاراً للأمن القومي يسكن في قصر قصي صدام، أما السياسي أياد جمال الدين فقد اتخذ من قصر عزت الدوري مسكناً ومكتباً له ولجماعته وأتباعه. غير أن الرئيس جلال الطالباني يبدو استثناء من ذلك، حيث يقيم خارج المنطقة الخضراء، وسكن في البداية عام 2003 في بيت سكرتير صدام، أحمد حسين، في حي المنصور الراقي، ثم انتقل إلى قصر عبد حمود مدير مكتب صدام في منطقة الجادرية قريباً من بيت طارق عزيز الذي أخذه رئيس المجلس الأعلى الإسلامي عبدالعزيز الحكيم، والذي توفي فيما بعد، وتسلم مكانه ولده عمار الحكيم، وهو قريب من مكاتب الرئاسة التي اتخذت من قصر برزان التكريتي الذي يقع على الضفاف الشرقي من نهر دجلة مقرا لها. ويبقى الشارع العراقي يردد "ما أشبه اليوم بالبارحة".
Ad