العفو بلا حدود

نشر في 21-05-2012
آخر تحديث 21-05-2012 | 00:01
 أ.د. غانم النجار غادر البلاد وفد منظمة العفو الدولية أمس الأول، بعد زيارة زادت على أسبوع. قام الوفد خلالها بإجراء لقاءات مع مسؤولين حكوميين وبرلمانيين وجمعيات نفع عام، إضافة إلى شخصيات عامة وغيرها، كما زار الوفد تيماء والتقى عدداً من البدون. برنامج المنظمة يغطي كل دول العالم تقريباً بل ويخصص اهتماماً كبيراً لانتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها إسرائيل وكذلك الولايات المتحدة، حيث قامت المنظمة بجهد كبير في كشف تجاوزات الحكومة الأميركية لإغلاق المعتقل البائس في غوانتانامو، وتعارض إعدام معتقليه بلا حدود.

العفو الدولية تأسست سنة ١٩٦١ بواسطة فكرة الكاتب والحقوقي البريطاني الراحل بيتر بنسون. لم يكن بنسون ربما يتخيل مجرد خيال أن فكرته البسيطة تلك كانت ستخلق منظمة يبلغ عدد أعضائها اليوم أكثر من ٣ ملايين إنسان في حوالي ٨٠ دولة.

بدأت الحكاية ذات صباح لندني حين قرأ بنسون خبراً مفاده أن عدداً من الطلاب تم حبسهم في إحدى دول أميركا اللاتينية، بسبب تعبيرهم عن رأيهم ضد النظام بطريقة سلمية. شعر بالضيق والانزعاج، فقرر أن يحمل رسالة شخصية احتجاجية، ويسلمها لسفارة تلك الدولة اللاتينية المعتمدة في لندن. وفي أثناء مشيه فكر في إشراك اكبر عدد من الناس في فكرته الاحتجاجية البسيطة، فقرر كتابة مقاله المشهور "السجين المنسي"، في جريدة الاوبزرفر. الذي دعا فيه إلى أن يتذكر الناس أن هناك مساجين تم حبسهم ظلماً من قبل سلطات ظالمة لمجرد أنهم اختلفوا معها في الرأي مع أنهم لم يستخدموا العنف ولم يحرضوا عليه. جاءت ردود الفعل مذهلة لبنسون ومشجعة لإنشاء منظمة ترصد وتتابع حالات المسجونين ظلماً، وتشكيل شبكة دولية لكتابة رسائل احتجاجية تطالب السلطات بإنهاء الظلم. وبالطبع دون أي تمييز بسبب ديانة المحبوس أو لونه أو أصله أو عرقه أو جنسيته أو جنسه أو أي شكل من أشكال التمييز.

هكذا ببساطة تأسست منظمة العفو الدولية. ومازالت تقوم بذات الفعل حتى اليوم، وهو كتابة رسائل احتجاج على الظلم. بساطة الفكرة كانت أقوى مما توقع الحالمون. فهي فكرة أسهل من السياسة، ومن منطق القوة الذي لم يجلب للعالم إلا الخراب والدمار والحروب والقتل ودماء بلا حدود.

هكذا هي إذاً، فكرة تتحدى الظلم، وتتحدى سفك الدماء، وتتحدى أولئك الذين مازالوا يظنون أنهم بالقوة وحدها سيخلقون عالماً مستقراً، بينما هم يقودون البشرية من خراب إلى خراب.

وهكذا سنبقى على الضفة المقابلة، نعمل لعالم تشرق فيه الأفكار والرؤى، ويعيش البشر دون عناء وقهر، بتسامح بلا حدود وبعفو بلا حدود، نبدأ بكرامة الإنسان وننتهي به. فلا نستهين بالأفكار البسيطة التي تنشر التسامح وترفض التمييز، فقد نضيف لبنة في وجه الصلف والغرور والأنانية التي تدمر العالم دون استثناء ولا حول ولا قوة إلا بالله.

back to top