الأفضل للسوريين وللعرب ألا تمس القمة العربية "العرجاء"!، التي ستنعقد بعد أيام في بغداد، الأزمة السورية المتفاقمة، وألا تدرجها على جدول أعمالها ولو من قبيل رفع العتب، فالمثل يقول: "إذا كثر الطباخون تخْرب الطبخة"، والمشكلة هنا أن الدول العربية مختلفة ومتفرقة "أيدي سبأ" حول هذه المسألة، وأن نظام بشار الأسد الذي قلبه وعقله في طهران وأقدامه في دمشق قد أشبع "الأشقاء الأعزاء" شتماً، وبقي يقول فيهم أكثر مما قاله مالك في الخمر.

Ad

لا توجد قضية عربية، حتى بما في ذلك القضية العراقية الأكثر تعقيداً من ذنب الضب، يجمع عليها الأشقاء الذين سيحجون إلى بغداد بعد أيام بمستويات مختلفة، ولهذا فإنه من الأفضل، بدلاً من الغوْص في أوحال الأزمة السورية المتفاقمة، والتي إنْ هُمْ وضعوا أيديهم فيها فستزداد تفاقماً، أن يحاولوا حلَّ مشكلة نوري المالكي (الأخ جواد) مع طارق الهاشمي ومع رئيس إقليم كردستان الأستاذ مسعود البارزاني، وأيضاً مع مقتدى الصدر ومع السيد عمار الحكيم ومع اياد علاوي... ومع نفسه!!.

لا يملك "كاك" هوشيار زيباري وزير الخارجية العراقي إلا أن يؤكد أن "موضوع سورية، الأكثر إلحاحاً، سيكون مطروحاً بشكل واضح في هذه القمة"، فهذه مسألة طبيعية وعادية بالنسبة لوزير خارجية تستضيف بلاده قمة العرب المقبلة، لكن المشكلة تكمن في طبيعة الوضوح الذي ستطرح فيه الأزمة السورية خلال اجتماع في قاعة استمر إعدادها لاستقبال هؤلاء الضيوف الأعزاء أكثر من عامين، والذين ينطبق عليهم المثل القائل: "رؤوس مؤتلفة وقلوب مختلفة".

كان يجب أن تنعقد هذه القمة العربية أو غيرها في بغداد لتأكيد هوية عاصمة الرشيد والدولة العباسية بعد غزو كل هذه الفيالق الأمنية التي يقودها قاسم سليماني، وبعد أن أصبح الفتى العربي فيها وفي الناصرية والبصرة غريب الوجه واليد واللسان، لكن المشكلة تكمن في أن "الأخ جواد"، الذي سيكون في انتظار الأشقاء الأعزاء إلى جانب "مام" جلال الطالباني، كان قد انحاز مبكراً إلى بشار الأسد بالمال وبالسلاح العابر لبلاد الرافدين في طريقه من طهران إلى دمشق وحمص وحماة وإدلب ودرعا لذبح الشعب السوري، وكان افتعل أزمات طاحنة مع كل قيادات ورموز الشعب العراقي، وأيضاً مع الكثير من الدول العربية... خليجية وغير خليجية.

ولهذا فإنه إذا وضع ملف الأزمة السورية على مائدة النقاش في هذه القمة التي سيرأسها "الأخ جواد" إلى جانب "مام" جلال فإن أول سؤال سيوجه إلى هذين المُضيفين الكريمين سيكون عن أسباب انحيازهما المبكر إلى بشار الأسد في معركته ضد شعبه، وأيضاً عن الأسباب التي تجعلهما أقرب إلى الولي الفقيه السيد علي خامنئي من كل القادة العرب وأقرب إلى طهران من كلِّ العواصم العربية.