تستخدم الأنظمة الحاكمة في الدول الاستبدادية والقمعية مثل سورية ومصر أيام النظام المخلوع، وليبيا أثناء حكم الطاغية القذافي أساليب بوليسية وقمعية متنوعة لفرض سيطرتها بالقوة من أجل ضمان استمرارية احتكارها للسلطة والثروة من ضمنها، أي الأساليب، الملاحقات السياسية والاعتقالات والتعذيب البدني والنفسي والضرب المبرح، وتلفيق التهم المعلبة للمعارضين السياسيين والحبس غير القانوني وقمع الحريات والتعسف والانتقائية في تطبيق القانون والفصل من العمل، ومنع السفر ومضايقة النشطاء وأقربائهم حتى في مصادر رزقهم. بالطبع، فإن الكويت ليست دولة قمعية ولدينا نظام حكم مستقر لا خلاف سياسياً عليه إطلاقاً، فالصراع السياسي في الكويت لم يكن يوماً ما حول الحكم الذي حدده الدستور في ذرية مبارك الكبير، وأكد الشعب الكويتي مراراً وتكراراً تمسكه به واحترامه له ودفاعه عنه، أما ما يسمى مجازاً "معارضة سياسية" فهي ليست سوى "معارضة" إصلاحية لا تهدف إطلاقاً إلى قلب نظام الحكم أو تقويضه.
أي أنها "معارضة" ضمن النظام وليست خارجه، لهذا فإن استخدام بعض الأساليب البوليسية غير المعهودة في الكويت، والتي تزايدت مع الأسف الشديد في الآونة الأخيرة مثل الملاحقات السياسية والاعتقالات وسوء المعاملة والتعسف والانتقائية في تطبيق القانون ضد الشباب الوطني المخلص الذي يقود حالياً حركة الاحتجاجات السياسية السلمية التي تطالب بالإصلاح السياسي والديمقراطي أو ضد النشطاء و"المعارضين" السياسيين، يعتبر توجهاً جديداً غير محمود له عواقب سلبية للغاية، ليس على تطورنا السياسي والديمقراطي فحسب، بل على المستوى الاجتماعي أيضاً.وغني عن البيان أن عالمنا العربي يشهد منذ عامين عملية انقراض سريع للدول الاستبدادية والبوليسية، وقد أثبت التاريخ أن القمع وانتهاك كرامات الناس لا يحميان الأنظمة السياسية، بل إن الضمان الأكيد للاستقرر السياسي لا يكون إلا من خلال الديمقراطية الحقيقية والعدالة الاجتماعية، وسيادة القانون واحترام كرامة الإنسان وضمان حريته، والانفتاح على الشعب والاستجابة لمطالبه.تملك الكويت المقومات كافة لكي تصبح دولة دستورية ديمقراطية حديثة، وهي ليست بحاجة إطلاقاً إلى استخدام أساليب الدولة البوليسية ومظاهرها كتلك التي رأيناها في الآونة الأخيرة، فالتجمعات العامة والمسيرات والاحتجاجات وحرية إبداء الرأي جميعها مباحة دستورياً، لذلك فإن منع المسيرات بالقوة، والتعامل معها بالعنف المفرط، وتقييد حرية الرأي والتعبير واستمرار الاعتقالات ومحاكمة النوايا وفبركة الاتهامات ضد الشباب والنشطاء السياسيين، واستخدام القانون بتعسف وانتقائية لن تفت من عزم الشباب الوطني المخلص والنقي، ولن يخيفهم بل سيجعلهم، كما هو واضح، أكثر إصراراً على تحقيق مطالبهم، كما أنه لن يوقف الاحتجاجات والمطالبات الشعبية، بل سيجعلها تتصاعد بسرعة، وهذا لن يؤدي إلى الاستقرار السياسي والتنمية بل العكس تماماً.أخيراً، فإن العنف كما هو معروف لا يولد سوى العنف والشواهد حولنا كثيرة.
مقالات
اعتقالات وضرب... أنحن في الكويت؟!
19-12-2012