الاقتصاد الصيني يستعيد عافيته... ولكن!

نشر في 17-12-2012 | 00:01
آخر تحديث 17-12-2012 | 00:01
«الكويتية الصينية»: المخاطر قائمة على المدى القصير... والنمو يخضع للتأثيرات الخارجية

يعود نمو الصين في الآونة الأخيرة إلى التيسير النقدي والإنفاق المالي الذي تبنته هذا العام، وآخر الإجراءات التي اعتمدتها الحزمة التحفيزية التي أعلنتها في سبتمبر، والتي قاربت 160 مليار دولار.
عاد الاقتصاد الصيني خلال الأشهر الثلاثة الماضية بعلامات تحسن وانتعاش قوية، جاءت بعد عام من النمو المنخفض، حيث تباطأ الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثالث من العام الحالي إلى متوسط نمو بلغ 7.2 في المئة على أساس سنوي، مقارنة بـ9.3 في المئة في العام الماضي.

وذكر التقرير الأسبوعي للشركة الكويتية الصينية الاستثمارية انه إضافة إلى تباطؤ الطلب العالمي، الذي أثر سلبا على الصادرات الصينية، شهد القطاع المحلي الصيني تباطؤا أيضا كان واضحا في تراجع أرباح الشركات، وركود القطاع الاستهلاكي، لهذا يأتي انتعاش الصين في وقت غير متوقع في ظل استمرار تراجع النمو العالمي.

ويعود نمو الصين في الآونة الأخيرة إلى التيسير النقدي والإنفاق المالي الذي تبنته هذا العام، وكانت آخر الإجراءات التي اعتمدتها الحزمة التحفيزية التي تم إعلانها في سبتمبر، والتي قاربت 160 مليار دولار، وركز البرنامج التحفيزي، كغيره من البرامج السابقة، على الاستثمارات الحكومية، خصوصا في مشاريع البنية التحتية.

داعم أساسي

لكن هذا البرنامج يقلق بعض الشيء لسببين، أولاً: ان الصين لا تراعي به أهمية أن يكون الاستهلاك المحلي أكثر نشاطا ليكون هو الداعم الأساسي للاقتصاد، والثاني: ان هذا البرنامج يزيد مخاطر الإفراط في الاستثمار على المدى المتوسط، لذلك ورغم أنه يتوقع أن تواصل الصين نموها على المدى القصير، لاتزال المخاطر قائمة فيها على المدى المتوسط.  ومع هذا، نجحت المحفزات الحكومية من ناحية أخرى في زيادة النشاط الصناعي، فكما يبين الرسم البياني أدت زيادة المشروعات الحكومية إلى زيادة الإنتاج الصناعي، وفي نوفمبر ارتفع الإنتاج الصناعي للشهر الثالث على التوالي، ليصل إلى 10.1 في المئة على أساس سنوي، وهي المرة الأولى التي يتعدى فيها النمو مرحلة الآحاد منذ تسعة أشهر.

وإضافة إلى هذا، واصلت مبيعات التجزئة ارتفاعها، في إشارة إلى انتشار الثقة بالاقتصاد. لكن، بعد شهرين إضافيين من النمو تراجعت الصادرات في نوفمبر، ما يدل على استمرار تأثر التحسن الاقتصادي بالمخاطر الخارجية، وفي الأشهر القليلة الماضية كانت الاحتمالات عالية لتحسن نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الأخير من عام 2012، كما تقبل المستثمرون هذا الاحتمال بشكل جيد رغم المنحدر المالي الوشيك في الولايات المتحدة.

قيم معدلة

ويمكن الناتج المحلي الإجمالي من قياس الناتج الاقتصادي أو حجم الاقتصاد- معدل التضخم أو الانكماش، فهو مجموع القيم المعّدلة لكل السلع والخدمات النهائية التي تنتجها دولة أو منطقة ما خلال فترة زمنية محددة، وتعتمد هذه القيم على كميات (حجم) وأسعار السلع المنتجة.

أما الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي فهو مقياس يجعل الأسعار الثابتة من خلال اعتماده على قيمة عام معين، الذي يكون عام الأساس لجميع السلع والخدمات، ومن ثم يتم استخدام هذه القيم لقياس الناتج المحلي الإجمالي للأعوام التي سبقت عام الأساس والتي تليه.

كما يمكن قياس الناتج المحلي الإجمالي بعدة طرق، منها التي يتبعها مكتب الإحصاء الوطني في الصين، وهو الجهة الحكومية المسؤولة عن البيانات الوطنية، الذي يقيس الناتج على حسب القطاعات الثلاثة الرئيسية: القطاع الأولي أو الإنتاج، والثانوي أو الصناعي، والخدمات، أو بطريقة الإنفاق، الذي يتضمن الاستهلاك الخاص، والإنفاق الحكومي، والاستثمارات المالية الثابتة، والصادرات والواردات.

ويعد كل من الإنتاج الصناعي، وهو مؤشر جيد للقطاع الصناعي الذي يمثل 45 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ومبيعات التجزئة، وهي مؤشر جيد لقطاع الخدمات الذي يمثل 45 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي كذلك، مؤشرين دقيقين للنمو الاقتصادي، حيث يمثلان أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي عند قياسه بطريقة القطاعات.

مبيعات التجزئة

وعند قياس الناتج المحلي الإجمالي بطريقة الإنفاق، تعكس مبيعات التجزئة والصادرات جزءا كبيرا من الناتج المحلي الإجمالي. وبشكل عام، من الممكن توقع الناتج المحلي الإجمالي، على المدى القصير، من خلال تحليل المؤشرات السابق ذكرها.

والمحفزات الاستثمارية هي الحل الصيني المعتاد للتباطؤ العالمي، مع التركيز على تطوير البنية التحتية، ورغم ان هذا النموذج غير مستدام على المدى الطويل، فإنه غير مكلف على المدى القصير، ومن المتوقع أن يواصل القطاع الصناعي انتعاشه الحالي، إلا أن البرنامج يركز حالياً على انتعاش الاقتصاد المحلي، بدلاً من النشاطات الصناعية المرتبطة بالتصدير، والتي تمثل جزءاً كبيراً من الاقتصاد المتنامي.

وباعتماد الصين على الاستثمارات تبتعد عن مخاطر التباطؤ العالمي، وهي المخاطر الرئيسية على المدى القصير، لكنها في الوقت ذاته تزيد مخاطر الإفراط في الاستثمار على المدى المتوسط. ورغم الأوضاع الخارجية الضعيفة، فإن أداء الاقتصاد المحلي جيد، وزاد نمو مبيعات التجزئة للشهر الرابع على التوالي، وهي أطول مدة منذ بدء الأزمة المالية في 2007، ما يعني أن وضع الاستهلاك الشخصي جيد، ومن المتوقع أن يؤدي نمو بيئة الأعمال وزيادة ثقة المستهلكين إلى نمو أرباح الشركات في القطاع الاستهلاكي، ما يوفر دعما للسوق الصيني، في عدم وجود ضربة كبيرة من المنحدر المالي في الولايات المتحدة، وبعد سبعة فصول متتالية من النمو المتباطئ نتوقع أن يتحسن نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأخير من هذا العام، بعد انخفاض دام ثلاث سنوات.

back to top