كلمة راس: الفتنة
الفتنة تبدأ بفعل صغير، ينتشر سريعاً وتكون له آثار خطيرة، وقد يكون ذلك الفعل غير متعمَّد، وحدثاً من جاهل لا يقدِّر العواقب ولا يزن الأمور، لكنه في غالب الأحوال يحدث عن تعمد وسبق إصرار ويهدف إلى إحداث تلك النتائج المدمرة للمجتمع. ولقد تضاعفت آثار الفتن هذه الأيام إلى درجات كبيرة خاصة بوجود وسائل الاتصال المتنوعة بالغة السرعة كالتلفاز والتويتر والفيس بوك والصحف الإلكترونية... والمشكلة تكون أكبر لو لم يواجه ذلك الفعل بنفس السرعة التي انتشر بها وبنفس الوسائل الفاعلة والمؤثرة. إن التراخي في مواجهة الفتن يزيد من قوتها التدميرية ويغري بمزيد منها، وكذلك يشجع على المبادرة والاجتهاد الشخصي الفردي أو الجماعي للرد عليها والتفاعل معها، وهذه بلا شك حلول خطيرة جداً تزيد الطين بلة وتوسع دائرة الفتنة وتعقد حل المسألة، وتسد الطرق السهلة لإطفاء نارها ومحاصرة آثارها، ولذلك كان الواجب على المسؤولين المبادرة السريعة لاحتواء كل أزمة، وتطويق كل فتنة، وإدانة كل فعل يؤدي إلى إشعال نارها، والمسارعة إلى محاسبة المتسبب، وتطمين المتضرر، وعدم محاباة أي طرف أو غض النظر عن أي جهة متورطة في فتنة، وإلا فسيصبح البلد غابة يتنازعها الناس وتحكمها الحمية. *** من المظاهر المؤدية إلى الفتن عندنا ظاهرة تجاوز البعض انتقاداتهم أو ردهم على فعل أو رأي ما لأحد الأشخاص إلى ذاته وأصله وعائلته وقبيلته وطائفته، وهذا تجاوز غير محمود، واعتداء بغير سبب، غالباً ما تكون عواقبه غير محمودة، ونتائجه غير مدروسة، ولعل ما حدث مساء أمس الأول من كلام للنائب حسين القلاف وردة الفعل من بعض شباب قبيلة العوازم فجر أمس هما أوضح دليل على ما قدمنا في هذا المقال، المهم أن يبادر العقلاء إلى محاصرة نار تلك الفتنة قبل أن تتسع دائرتها ويصعب إطفاؤها وتتضخم آثارها ونتائجها، فالكويت لا تحتمل الفتنة بين أبنائها، ولا تقبل الخلاف بين مكوناتها وطوائفها ولا ترضى التدابر والتباغض بينهم، وعلى الحكومة أن تسارع إلى تطبيق القانون على الجميع، الكبير قبل الصغير، كي يطمئن الناس وتهدأ نفوسهم ويشعروا بكرامتهم على أرضهم وبين أهليهم، والله خير حافظاً.