الصوت الواحد
منطقياً وعلى الورق، يبدو أن اقتراح الصوت الواحد هو أفضل الحلول للخروج من مشكلة سوء الاختيار التي تقوم على القبلية والطائفية، وتنتج لنا مجالس آخر همها المصلحة العامة، كما حدث بشكل متكرر في المجالس الأخيرة، وقد بين الزميل والنائب في مجلس 2012 المبطل "نبيل الفضل" في مقال له بعنوان "صوت واحد" أسبابا عدة ساقها للتدليل على صحة رأيه أضعها هنا كما وردت في المقال بشيء من الاختصار:1- لدينا قانون يمنع الفرعيات ومع ذلك لم نتمكن من تطبيقه وإيقاف الفرعيات! كما لم تتمكن الدولة من تجريم مواطن واحد على ذلك الفعل المجرم! وفي حال الصوت الواحد للناخب لن يكون هناك أي تأثير للانتخابات الفرعية.
2- زادت خلال السنوات الماضية قضية التحالفات الانتخابية وتبادل الأصوات، وفي هذه العملية يكمن أمران:أ - تزوير لإرادة الناخب حيث يطلب منه التصويت لا لمن يريد فقط، إنما لأسماء ثلاثة أخرى لا تربطه بهم أدنى علاقة أو معرفة.ب - حرمان الأقليات في الدوائر من نصيبهم أو فرصهم في الفوز بالانتخابات! ففي الدائرة الرابعة انعدم حق الجهراء ثاني أكبر المدن الكويتية من فرصة التمثيل في المجلس!! وهذا أمر معيب وغير مقبول، وقد تضاءلت فرص القبائل الكويتية من الحروب والفضول والظفير وشمر وعنزة لمصلحة مطير والرشايدة في الدائرة الرابعة، وكذلك تضاءلت فرص الهواجر والدواسر وسبيع والسهول والعداوين في الدائرة الخامسة لمصلحة العوازم والعجمان، وفي هذا ظلم للقبائل الكويتية الأخرى وظلم للديمقراطية التي تعيش وتزدهر على التنوع لا على الاحتكار، ثم إن هناك نواباً يصلون المجلس بحكم التحالفات رغم أنهم لا يملكون مكانة في الشارع الانتخابي، فأين العدالة في هذا؟! 3- في جميع الدول الديمقراطية والتي يدفع فيها الناخب المثقف ضرائب كي يشارك في الحكم، لا نجد أي دولة تسمح للناخب بالتصويت لأكثر من اسم أو قائمة، وإعطاء أربعة أصوات للناخب الكويتي ليس أكثر من بطر مضر، ولا نعتقد أنه يحق لأحد نواب الأغلبية أو غيرها أن يحتج على ذلك، إلا إذا كانت النية معقودة على تزوير الانتخابات عبر التحالفات وتبادل الأصوات!انتهى كلام الزميل الذي أتفق معه تماما في وصفه لأمراض العملية الانتخابية في الكويت، غير أنني لا أرى أن دواء هذه الأمراض لا يكمن في تحويل الأربعة أصوات إلى صوت واحد رغم إقراري بأن الصوت الواحد سيقلل بشكل طفيف من الأضرار المعتادة في كل انتخابات، فشعبنا "الفهلوي" لن تعييه الحيلة، وسيجد ألف طريقة للتحايل على الصوت الواحد من أجل الوصول إلى نفس النتائج التي تحققها الأصوات الأربعة!فعند كل القبائل تقريباً كما عند الشيعة والكنادرة إحصاءات دقيقة عن أعداد أفرادها وكم عدد الناخبين في كل فخذ منها، ولن يتطلب الأمر كثيرا من الجهد في إجراء انتخابات فرعية كالمعتاد، يتعبها بعد ذلك توزيع وتخصيص أصوات الفخوذ بطريقة تضمن وصول الأربعة نواب المراد وصولهم لتمثيل القبيلة المسيطرة على هذه الدائرة أو تلك، أو اللجوء إلى الأحرف الأبجدية لناخبيها بحيث يتم توزيع من تبدأ أسماؤهم من الحرف كذا إلى الحرف كذا للمرشح الفلاني، وهكذا حتى تستوفي المرشحين الأربعة، وبهذه الطريقة أو تلك أو بخلافهما سوف نرى نفس الأعضاء من ذات القبائل والطوائف يعودون مرة أخرى بصوت أو بأربعة أصوات... فالمحصلة واحدة"! وقد قلنا مرارا وتكرارا إن مشكلتنا ليست في عدد الدوائر أو الأصوات، بل في وعي الناخب الذي لا يدرك ما لاختياراته الانتخابية السيئة من أثر في مستقبله ومستقبل أبنائه وأحفاده من بعده، وأن ما يحدث في قاعة عبدالله السالم ما هو إلا انعكاس لما خطه قلمه في ورقة الانتخاب، وما لم يتغير نمط التفكير القبلي والطائفي والفئوي والمصلحي السائد والمسيطر على عقولنا ومشاعرنا فلن يتغير شيء أبدا. وكل الحديث الدائر هذه الأيام عن عدد الدوائر وعدد الأصوات لن يأتي منه سوى وجع الرأس وتبادل الاتهامات، والانشغال بأمر لن يؤخر ولن يقدم في مخرجات العملية الانتخابية، فالداء والعلة فينا لا في عدد الدوائر والأصوات!