أبا يوسف... لم ترحل
تحشرج الكلمُ في فمي وأنا أنقل إلى أحبائك وأصدقائك خبر رحيلك، فهالهم ما نقلته محزونين مكلومين بين حائر فيما يفعل، وباحث ماذا سيقدم، وثالث تائه أعجزه التيه أن يفكر، فراح بعضهم يرثيك، وبدأ البعض الآخر يسطر ما يقوله لك في هذا الرحيل الذي لم يسبقه وداع، وفاء لعلاقتهم بك واحتراماً لأخ احترم الجميع وكان قريباً من الجميع.أما أنا يا صديقي، فلم أصدق نفسي، هل حقاً رحلت هكذا سريعاً... وغربت شمس عمرك حاجبة عنا دفئها؟! إن روحك مازالت إلى جانبي تناجيني وأناجيها، وتسرح بي في ذكريات لا حدود لها، بين ماضٍ جميل تقاسمنا أفراحه وأتراحه، وحاضرٍ حزين أتجرعه وحدي دونك.
النسيان نعمة يغفل عنها الكثيرون، وهبها الله للبشر، ولكن كيف لي أن أنسى، وطيفك على يساري "صباحاً" وصورتك أمامي "مساءً" وروحك ترافقني أينما ذهبت، وحيثما حللت... ما كنت أدري ونحن نحيا الحياة ونتقاسمها عملاً وعناءً وهناءً، أنني سأرثيك عما قريب وسيحمل لساني أحرف نعيك... غير أنها مقادير لا سبيل إلى تبديلها.مما يضاعف حزني يا "رضا" علمي أنك طلبت أن تراني، قبيل أن تستسلم للغيبوبة الأخيرة وتحزم حقائب الرحيل غير مودِّع، لكن عزائي أن أسرتك وأبناءك في مصر هم أبنائي، إذا اشتقت إليك، وكثيراً ما سأشتاق، استمعت إليك في أصواتهم وتذكرتُ أياماً لا تنسى... فإلى رحاب الله أيها الصديق الظريف... وإلى واسع مغفرته.أبو عمار