حسنا فعلت المحكمة الدستورية، وهي في سبيل تصديها للطعن الحكومي المقدم بعدم دستورية قانون الدوائر الانتخابية التعريج لمفهوم نص المادة 81 من الدستور وايضاح أن المقصود من النص الدستوري «تحدد الدوائر..» هو تعدد الدوائر الانتخابية لتغلق لنا باب التفسيرات المتباينة حول جواز إمكانية التشريع نحو الدائرة الانتخابية الواحدة، وانتهت المحكمة في تفسيرها إلى أن المقصود هو تعدد الدوائر لتتبنى المفهوم اللفظي لنص المادة 81 من الدستور، ولهذا التفسير مبرر كنت من أشد المطالبين به قبل صدور حكم المحكمة الدستورية تزامنا مع المطالبات الداعية نحو تشريع الدائرة الواحدة حتى لا يكون قانون الدائرة الواحدة هو الآخر عرضة للطعن بعدم الدستورية في ما لو تم إقراره.

Ad

المحكمة الدستورية نجحت أيضا وبطريق غير مباشر بتأكيدها على رفض الدائرة الواحدة إلى تبعية رفض فكرة القوائم الانتخابية التي تفكر بعض التيارات السياسية لطرحها كمشروع إصلاحي يضاف لقانون الانتخاب لكونها مرتبطة بمشروع الدائرة الواحدة، كما أكدت المحكمة الدستورية ان المقصود بالمادة 108 من الدستور ان النائب يمثل الأمة بأسرها بانه مستقل استقلالا كاملا عن ناخبيه وألا يكون أسيرا لهم لتؤكد أيضا بهذا التعريف رفضها لفكرة أن يكون النائب أسيرا لفكرة القوائم السياسية التي ينوي البعض طرحها مستقبلا.

ولذلك فالمحكمة الدستورية نجحت في هذا الطعن إلى رسم خريطة العمل النيابي المقبل وبذات الوقت تحافظ على دوره كمشرع مناط له وحده تقرير مصير القضية الانتخابية دون تدخل من القضاء أو حتى الحكومة كسلطة تنفيذية

وبالرغم من كثرة رودود الفعل التي أعقبت حكم المحكمة الدستورية والذي انتهى إلى رفض الطعن المقدم من الحكومة بعدم دستورية قانون الدوائر إلا أن جزءا كبيرا منها يحمل عدم فهم حقيقي لطبيعة العمل القانوني والقضائي لطبيعة العمل الذي يقوم عليه النظام القضائي، وكان البارز منها هو إلقائها اللوم على أصحاب الرأي الدستوري أو حتى من تحمل أمر تقديم الطعن للمحكمة الدستورية وهي إدارة الفتوى والتشريع، رغم أن الجهد القانوني الذي قدمه أصحاب الرأي القانوني سبق لمنتقديهم مهاجمة الحكومة من عدم أخذ رأيهم بشأن ما يخص الخطأ الإجرائي الذي شاب مرسوم حل مجلس 2009 والذي قررت المحكمة الدستورية في حكمها الصادر في 20 يونيو الماضي ببطلانه.

ورغم من حملة الانتقادات إلا أن أرى نجاح الحكومة في تحصين العملية الانتخابية المقبلة من الطعن وهي بهذا الطعن كشفت رأس قانون الدوائر الانتخابية الخمسة من حيث دستوريته قبل الولوج بقرار حل مجلس 2009 والدعوة لانتخابات جديدة قد يكون مصيرها هي الأخرى البطلان وعندها سيلوم الجميع الحكومة لعدم الطعن.