تناقضات... هل تحولنا إلى بيئة رافضة للإصلاح؟

تفرض علينا الواقعية السياسية أن نتساءل عن مفهوم السياسة مرة أخرى، وأن نتساءل عن فن الممكن أين يبدأ وأين ينتهي؟ ولو كانت اللاواقعية فأين تبدأ وأين تنتهي؟! هناك معايير تحدد الخط الفاصل، وأبرزها التغيير الذي استغرق قروناً في أماكن متفرقة من العالم حتى انبثقت منه نماذج متدرجة في الإصلاح. ولن تكتمل صورة رصد آلية التغيير إلا بتحديد التناقضات التي نشاهدها يومياً، وفي ما يلي بعض تلك التناقضات:

• يشير تقرير صادر من مؤسسة اقتصادية مرموقة إلى معدل حجم الإنفاق في دول الخليج الخاص بالبنى التحتية، والمقدر بـ205 مليارات دولار حتى 2013 للقطاعات الصناعية المختلفة والطرق والخطوط السريعة والمستشفيات والسكك الحديدية والمطارات، وفي المقابل يشكو القطاع الخاص وينتظر حصته من مشاريع التنمية، ويرجو ويتأمل إعادة إحياء الدورة الاقتصادية المتكاملة لإخراجه من غرفة الإنعاش بالقطاعات المختلفة.

• بدأت الانتفاضات الأخيرة في دول الربيع العربي بمجهود شبابي ونسائي وهدوء غير مسبوق من عشاق خلط الدين بالسياسة، سواء في الإدارة أو المشاركة، وبعد الثورة أصبحت ذكورية بامتياز، فثمار الثورة جناها الرجال واختطفتها الأحزاب الدينية... ولا عزاء للنساء.

• يصرخ البنك الدولي ويطالب دول الخليج بتخفيض الإنفاق الحكومي، وفي المقابل يزداد الإنفاق الحكومي وتفتح بوابات القطاع الحكومي على مصاريعها لاجتذاب ذوي الوظائف غير المنتجة.

• نطالب بتجديد أسلوب الإدارة وتعزيز جاذبيتها للكفاءات من ذوي الفكر الابتكاري، وندعو إلى استغلال الموارد البشرية المبدعة استغلالاً جيداً، وفي الوقت ذاته نستعين بعقول مغلقة لوضع شروط التسلسل الإداري.

• ونطالب بالحكومة الإلكترونية وإنجاز المعاملات إلكترونياً، وفي الوقت ذاته نفتح الأبواب أمام "التغلغل النيابي"، ونبني جسرا للخدمات يربط النائب مباشرة بالوزارة، وبالتالي فإن تدخل النائب بالقرارات الإدارية عنصر مؤثر تأثيراً سلبياً على الأداء الإداري.

• نشكو معاناة أبنائنا من السمنة المفرطة، وترعى وزارة الصحة الحملات التوعوية للغذاء السليم والحمية الغذائية المناسبة، وفي الوقت ذاته تقوم وزارة الشؤون بإعطاء الأولوية في الجمعيات التعاونية لمطاعم الوجبات السريعة.

• نطالب بحماية الوحدة الوطنية ونبذ الخلافات، وفي الوقت ذاته نغض الطرف عمن يشعل الخلافات.

وفي النهاية... التخطيط السليم وسيلة فعالة للقضاء على التناقضات، ومن أسسه تحديد الأهداف والتوقعات قبل عملية اتخاذ القرار، وإجراء اختبارات لتعيين مراكز القوة والضعف لدى مؤسساتنا.

كلمة أخيرة:

أجمل ما في معرض الكتاب هذا العام مشاركة دور النشر الشبابية بجهودها التسويقية الحديثة ونتاجها الجميل... المطلوب من سفرائنا في الخارج الترويج لذلك النتاج الثقافي الكويتي الجميل.

وكلمة أخرى:

يقولون... إن المبالغة في إشهار مقاطعة الانتخابات قد تدفع المترددين إلى اتخاذ القرار بالاقتراع. وعلى الطرف الآخر، مبالغة الدولة في الإعلان عن الانتخابات وكأنها حكومية قد تدفع المترددين أيضا إلى اتخاذ القرار بعدم التصويت... "دودهتونا"! (حيرتونا باللهجة الكويتية).