إن الإسراع في خصخصة «الكويتية» والشركات التابعة لها بأي ثمن ومن دون عملية تقييم دقيقة وشاملة ومحايدة للأصول والموجودات كافة سيكون له تبعات غاية في السوء، سواء على العمالة الوطنية أو على المال العام لا سيما ونحن نعاني غياباً فاضحاً للتشريعات والقوانين التي تكافح الفساد وتمنع تعارض المصالح.

Ad

عاد موضوع خصخصة الخطوط الجوية الكويتية ليحتل أولوية لدى الحكومة بعد أربع سنوات من إقرار القانون رقم (6) لسنة 2008. الجديد بل الغريب في الموضوع هذه المرة هو نية الحكومة، كما أعلن وزير المواصلات، تجديد أسطول "الكويتية" قبل خصخصتها! فما الذي جرى؟ أليست المؤسسة في طريقها للتخصيص فلماذا يجدّد الأسطول بالكامل على حساب المال العام؟ من المؤسف أن الحجج التي سيقت لخصخصة "الكويتية" والشركات التابعة لها لم تكن حججاً مقنعة، فالمؤسسة ناقل وطني وذات جدوى اقتصادية عالية، لذا فمن المفترض أن تتملكها الدولة بالكامل ولا تكتفي بنسبة 20% فقط من رأس المال، كما تنص مادة (4) من القانون (6 /2008)، وهو الأمر الذي سيبعد عنها رقابة ديوان المحاسبة.

أما إذا كان هناك مشكلة في الإدارة، وهي الحجة الدائمة لمؤيدي خصخصتها ومن يريد شراءها، فإنه من الممكن خصخصة الإدارة مع إبقاء الملكية العامة، وخير مثال هنا هو شركة طيران الإمارات، والخطوط الجوية القطرية، والاتحاد الظبيانية، والخطوط الجوية السنغافورية، وهي كلها خطوط طيران عالية الجودة ومملوكة بالكامل للدولة.

أما وقد صممت الحكومة على المضي قدماً في خصخصة "الكويتية" والشركات التابعة لها رغم عدم وجاهة الحجج التي قُدمت لتبرير هذه الخطوة، فإن السؤال المحوري الذي يترافق عادة مع عمليات الخصخصة هو: كيف ستقيّم أصول "الكويتية" وموجوداتها المنتشرة في أغلبية بلدان العالم، أو ما يسمى بلغة المحاسبة "إعادة هيكلة الأصول"؟ وما الجهة أو الجهات التي ستقوم بذلك خصوصاً أن عملية التقييم السابقة قد شابها الكثير من العيوب والمآخذ واتضح ضررها البالغ على المال العام؟

لقد اتضح بعد الثورة المصرية أن أغلب مؤسسات وشركات القطاع العام وأغلب أراضي الدولة قد بيعت بأبخس الأثمان التي لا تعكس إطلاقا قيمتها الحقيقية في السوق، ناهيكم عن التضارب الصارخ للمصالح المتورط فيه كبار مسؤولي الدولة وحاشية النظام، فشركة "عمر أفندي" المصرية على، سبيل المثال لا الحصر، قيمت أصولها بمليار و140 مليون جنيه مصري، وبيعت لشركة "أنوال" السعودية بقيمة 589.5 مليون جنيه فقط، ثم تبين لاحقاً أن هناك تضارب مصالح أيضاً، وهو الأمر الذي دعا المحكمة قبل مدة إلى إلغاء الصفقة.

قصارى القول إن الإسراع في خصخصة "الكويتية" والشركات التابعة لها بأي ثمن ومن دون عملية تقييم دقيقة وشاملة ومحايدة للأصول والموجودات كافة سيكون له تبعات غاية في السوء، سواء على العمالة الوطنية أو على المال العام لا سيما ونحن نعاني غياباً فاضحاً للتشريعات والقوانين التي تكافح الفساد وتمنع تعارض المصالح، كما أن أجهزة الرقابة العامة لدينا ضعيفة وغير قادرة على حماية المال العام، وهو الأمر الذي رأيناه واضحاً وجلياً في المخالفات الإدارية والمالية التي حصلت في شركة "زين" التي تمتلك فيها الدولة حصة تفوق نسبة الـ25%، كما رأيناه أيضاً في الآثار السلبية الكثيرة التي ترتبت على خصخصة محطات التزود بالوقود.