كم نحن متخلفون!
![ضاري الجطيلي](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1487518658970718800/1487518666000/1280x960.jpg)
خلال الأسبوعين الماضيين شغل البلد بجدل عقيم ومفرغ حول ثلاثة مواضيع بين لنا كم نحن كمجتمع متخلفون ثقافياً بالنسبة لعمر الدولة الدستوري، الأول قرار وزير الإسكان بفصل مدير بنك التسليف، والثاني إيقاف مدير مؤسسة التأمينات عن العمل، والثالث دمج استجوابي وزير المالية. يلاحظ أن عناوين الجدل في تلك المواضيع كانت كالتالي: مرسوم أميري أم قرار وزاري؟ يوقف عن العمل لتورطه بقضية أم يستمر؟ هل تنطبق مادة دمج الاستجوابات هنا أم لا؟ وهكذا عاد الجدل بالمتجادلين للوراء إلى نقاش شرعية تلك القرارات بالأساس بدلاً من نقاش ما هو أهم. لو كنا كدولة يتناسب تطور مجتمعها الثقافي مع عمرها الدستوري لكان خلاف وزير الإسكان ومدير بنك التسليف فرصة ثمينة للمفاضلة ما بين رؤيتيهما لحل أزمة السكن، بدلاً من انشغال الوزير بـ"كروّتة" مخالفات ضد المدير لإقصائه وانشغال معارضيه بـ"مرسوم أم قرار". ولكان الظهور الإعلامي النادر لمدير مؤسسة التأمينات فرصة ثمينة للمفاضلة بين رؤيته ورؤية معارضيه للتعامل مع عجز المؤسسة المرتقب عن الوفاء بالتزاماتها في ظل التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والديموغرافية التي يشهدها المجتمع، أو على الأقل لناقشنا فكرة وضع حد أقصى لفترة بقاء القياديين بمناصبهم منعاً لتكوين النفوذ وارتباط المؤسسات بالأشخاص، بدلاً من نقاش خسائر المؤسسة في أزمة مالية عالمية ليس عدلاً استثناء المؤسسة من آثارها. ولكان استجوابا وزير المالية فرصة لحسم ما ورد فيهما والمضي لما هو أهم بدلاً من خلق جدل آخر حول دمجهما.خمسون عاما دستوراً وقوانين وما زلنا نناقش أبجديات وبدهيات من المفترض أن تكون محسومة، أو في أحسن الأحوال نستهلك طاقتنا في الطرق الأسهل والأرخص للنيل من الخصوم بدلاً من المفاضلة بين الرؤى والبرامج لتحريك أمر عالق، ما الفائدة من جدل في موضوع عام لا نخرج منه بأي فائدة؟ إنه جدل عقيم بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ويراد لنا أن نكون وقوداً فيه نحترق دونما فائدة غير زيادة الجو الملوث تلوثاً.