«الشفافية لا تزال غائبة في تداولات البورصة... بوجود «هيئة السوق»

نشر في 30-10-2012 | 00:01
آخر تحديث 30-10-2012 | 00:01
No Image Caption
إدارة البورصة تلزم شركات بإفصاحات وتعفي غيرها

لا يزال سوق الكويت للأوراق المالية يفتقر إلى تطبيق أوسع لمعايير الشفافية وإلزام الشركات المدرجة بالإفصاح عن معلومات جوهرية من شأنها التأثير على مستوى التداولات أو بياناتها المالية رغم وجود "هيئة الأسواق".
يفتقد سوق الكويت للأوراق المالية ومنذ سنوات عديدة تطبيق معايير الشفافية فيما تقتضيه المتطلبات الحديثة لأسواق المال، وكانت معظم التداولات التي تتم تعتمد بشكل رئيسي على تسريبات وسائل الإعلام فقط لا غير، في حين أن إدارة البوصة كانت المتفرج الأبرز لما يحدث، دون أن تتحرك بشكل فعّال لما يجري أمامها.

وربما الدليل الأبرز على ذلك، هو عدم إلزام الشركات التي تمتلك العديد من الاستثمارات الخارجية وتحديداً في دول "الربيع العربي"، منذ بداية الثورات، على الإفصاح عن أوضاع استثماراتها وأصولها الموجودة في تلك الدول، وكأن الأمر لا يعنيها ولا يعني متداولي سوق الكويت للأوراق المالية ولا يعني المساهمين في هذه الشركات.

ولطالما كانت إدارة البورصة بهذا الضعف من تطبيق معايير الشفافية على الشركات المدرجة، وإن طبقتها فإنها تطبقها "على استحياء" وكأنه "كرم" من إدارات الشركات المفصحة لا "واجب عليها"، ولذلك ظهرت لدينا إفصاحات من نوع: "الشركة لا تعاني نهائياً من مشاكل في أوضاعها المالية" أو "أوضاعنا المالية قوية" أو "نطمئن مساهمي الشركة عن أوضاعنا" أو "لا خوف على متانة المركز المالي لنا"، دون أن يستفيد المتداول من هذا الإفصاح شيئاً.

افتقاد التوضيح

و كما هو معروف، فإن غالبية إفصاحات الشركات الكويتية المدرجة في البورصة – إن لم تكن جميعها- تفتقد التوضيح الدقيق والجيد لما يجري في كواليسها من أمور، أو حتى معرفة تأثير العوامل المحيطة بعمل الشركة على أدائها، وتأتي فقيرةً بمبررات تحقيقها لنتائجها المالية إن كانت سلبية، أما إذا كانت إيجابية فإن الإشادات تظهر وبقوة، وتحديد اسباب عديدة صنعت هذه النجاحات أولها بكل تأكيد هو "سياسة إدارة الشركة ونجاحها في تحقيق أفضل العوائد على استثمارات الشركة".

ومع إقرار قانون هيئة أسواق المال وإنشائها، استبشرنا خيراً بتطبيق أوسع للشفافية، خصوصاً أن أحد أهدافها هو تحقيق مبادئ الشفافية في البورصة الكويتية إسهاماً منها بتحويلها لسوق جاذب للمستثمرين الأجانب والمحليين على حد سواء، خصوصاً أن سوق الكويت للأوراق المالية ينقصه العديد من المبادئ والعوامل الرئيسية التي تعمل على تحويله لسوق جاذب للمستثمرين الاجانب، بل حتى المستثمرين المحليين بدأوا باللجوء للعديد من الاسواق الخليجية الأخرى المحيطة بحثاً عن العوائد المجزية التي تعتبر الشفافية الإيجابية أحد أهم أسباب تحقيقها، وبالتالي الخاسر الاكبر في هذه المعادلة هو السيولة المتداولة في السوق الكويتي.

 تطبيق ضيق للشفافية

 لكن ما رأيناه هو تطبيق ضيق لمعايير الشفافية ومستوى الإفصاحات – رغم أنها تقدمت نسبياً عما قبل إنشاء هيئة الاسواق – ولم يكن مستوى العديد من الإفصاحات على قدر تطلعات المستثمرين والمتداولين، كما لو أنها كانت ليست ذات قيمة مؤثرة فعلاً.

وعلى سبيل المثال لا الحصر، رأينا إفصاحات لبنوك تشير من خلالها إلى افتتاح أفرع جديدة لها، ولا نعلم ما قيمة هذا الإفصاح وتأثيره على البيانات المالية أو مستوى تداولات السهم!

كما أن هناك العديد من التداولات التي تتم على أسهم معينة وتستمر لفترة زمنية ليست بالقصيرة ويعد خلالها السهم لمستويات سعرية جديدة، وبكميات كبيرة تصل لملايين الأسهم دون أن تكلف إدارة البورصة نفسها بتوجيه سؤال للشركة عن أسباب هذه التداولات أو الارتفاعات غير المسبوقة، ولا حتى الشركة تبادر بنفسها إلى توضيح أسباب هذه التداولات.

ويقول مراقبون ان هناك شعوراً عاماً بعض الأحيان أن إدارة البورصة تمارس الانتقائية في تطبيق معايير الشفافية على أسهم وتقف مكتوفة الأيدي أمام أسهم أخرى دون توجيه أدنى سؤال لها، خصوصاً أن هناك حالات تداول أو حتى تسريبات لوسائل الإعلام عن معلومات لأسهم وتقوم بدورها إدارة البورصة بتوجيه الأسئلة وطلب التوضيحات لشركات وترك أخرى!

الجمعيات العمومية

وسبق أن أشرنا في تقارير سابقة إلى أن المساهمين لم يعد أمامهم سوى اللجوء الى الجمعيات العمومية للوقوف على أوضاع شركاتهم ومحاولة إيجاد المعلومات الكافية عما تتعرض لها من مشاكل أو ضغوطات، والضغط على مسؤولي الشركة من خلالها على توضيح تفاصيل أكثر عن نتائج الشركة وأسباب أكثر عمقاً لها بعد أن دأبت التقارير السنوية على عدم الاعتماد على توضيح المشاكل التي تتعرض لها الشركة –إن وجدت – وإلقائها على كاهل الازمة المالية وتداعياتها التي ربما تكون أبعد من الاسباب الحقيقية للتعثر، خصوصاً وأن الجهات الرقابية التي من المفترض أن تكون مسؤولة عن هذا الأمر لا تقوم بدورها كما هو مطلوب.

ويطرح مراقبون عدة تساؤلات حول هذا الوضع، فما هو المعيار المعتمد من قبل إدارة البورصة لعملية الإفصاحات؟ ولماذا تُلزم شركات بالإفصاحات – وهو أمر مطلوب- لكن تتغاضى عنه بوجود شركات أخرى؟ وما أهمية إلزام شركات – مثل البنوك – بإفصاحات تتعلق بافتتاح أفرع جديدة أو أي إفصاحات أخرى لا تتعلق بالبيانات المالية؟ وهل سيستمر هذا الوضع مستقبلاً بوجود هيئة أسواق المال وإدارة مخصصة في سوق الكويت للأوراق المالية تسمى بإدارة الرقابة؟

back to top