أين زينة العقل ومزية بني آدم؟

نشر في 20-05-2012
آخر تحديث 20-05-2012 | 00:01
No Image Caption
 علي البداح ما يحدث للمجتمعات الإسلامية غريب وعجيب. والظواهر التي نشاهدها يعجز العقل عن تفسيرها إلا إذا كان الجهل قد تفشى فينا إلى أسوأ المستويات. والا فكيف نفسر هذا الخضوع والتبعية للمشايخ والدعاة بدون تفكير أو حتى مجرد سؤال؟ كيف استطاع هؤلاء التغلب على عقول البشر والسيطرة عليها حتى مسخوا شخصية البشر وأحالوهم إلى تبع لا تسأل ولا ترد أمراً يصدر عن هؤلاء وكأنهم آلهة تأمر فتطاع؟ من من هذه القيادات والدعاة يستحق كل هذه الطاعة وتسليمه القياد في كل مناحي الحياة حتى لم يعد للتُبع مكان أو مجال للرفض أو الاعتراض أو حتى حق الفهم. ولعل المثل الذي ذكرته في مقال سابق أفضل دليل على استسلام الناس لهؤلاء وإلا فكيف يمكن إقناع امرأة بالبحث عن زوجة أخرى لزوجها؟

ولنلتفت حولنا ولنتعرف على هؤلاء الدعاة والقيادات الإسلامية الحزبية فهل فيهم من يستحق أن يتبع؟ ابتداءً من الداعية ممثلة الإغراء حتى زمن قريب إلى دعاة كانوا في أدنى مستويات الانحطاط قبل إطالة اللحية إلى قيادات كانت ومازالت تخالف كل النواهي الشرعية مالياً وسياسياً وأخلاقياً. دعاة وقيادات دينية أصبحوا من مكتنزي المال وثرواتهم بالملايين ولا داعي لذكر الأسماء لأن الجميع يعرفهم ويعلم عن تصرفاتهم وكتب عنهم الكثير ومع ذلك فإن الناس تستمع إليهم وتلتزم بأوامرهم وتجمع لهم الأموال وتصوت لمرشحيهم بالانتخابات وتردد أقوالهم وفتاواهم ويقبلون خداعهم في استسلام وخضوع لم يكن إلا لله؟

استعرضت معظم الأسماء سواء عندنا أو البلدان الإسلامية الأخرى وقرأت لمن كتب منهم وتابعت أخبار البعض والقصص التي كتبت عنهم وفي الكويت نعلم الكثير عن مخالفات الكثير منهم الشرعية وغيرها، وقد استمعت إلى داعية له مريدون ومستمعون لخطبه، وهو يتحدث عن فترة شبابه وكم كان منحرفاً وجاهلاً وكان أقل مخالفاته السكر والعربدة ثم تاب الله عليه بعد أن شبع، والآن وجد بعد أن هداه الله أبوابا أخرى فتحها له مفتي الديار الإسلامية من "الإخوان" والسلف في أنواع الزواج التي كفت المسلمين شر الزنى المحرم إلى الزنى الشرعي المحلل. وأنا وغيري نفرح حين يهدي الله إنسانا ويتحول إلى إنسان صالح لكن أن يتحول هذا المنحرف أو مثل تلك الممثلة إلى داعية فتلك عجيبة العجائب.

إن ما تفعله الأحزاب الدينية ودعاتها وبرامجها هو مسخ للعقل البشري للتمكن والتحكم بالناس وليس دعوة للدين وليست دعوة للإصلاح حتى وإن غلفت دعواتها بادعاء الإصلاح.

هل فقد الناس عقولهم؟

عندما يبلغنا ربنا أن محمداً صلي الله عليه وسلم هو آخر الرسل فإن هذا تأكيد للمسلمين ألا نبي بعد محمد وأن ما جاء بالقرآن الكريم هو رسالة محمد التي نزل بها الوحي. وبالتالي ليس من حق أحد أن يدّعي أنه يمثل النبي الكريم أو أخذ وكالة عنه ومن حقه إعلان الجهاد على من يخالفه الرأي. أي من المدعين الحاليين لا يحق له إصدار فتاوي أو رفض مؤمن أو تكفيره لمجرد الاجتهاد. مادام ابن تيمية أو ابن القيم أو أي مجتهد إسلامي آخر قديم أو حديث يستطيع التفسير أو الشرح والوصول إلى مفاهيم باجتهاده فإن كل ذي عقل قادر على الاجتهاد وقادر على خلق قناعات أو مفاهيم تتماشى مع الرؤية الشاملة أو الخاصة التي أنار بها الله عقولنا.

انظر إلى طرقهم في الحديث إلينا وكأننا من جهال مكة قبل الإسلام وهم مكلفون من الله بإصلاحنا، بنظرات متعالية وبكلمات قوية يدخلون من يشاؤون النار ويكفرون المسلمين لمجرد مخالفتهم الرأي أو من لم يدخل في أحزابهم. من أعطاهم هذا الحق؟ إنهم يتقولون على الله ورسوله ويسيئون للإسلام بما يقولون ويفعلون.

إن جميع الأحزاب والطوائف الإسلامية تقوم على نظرية الإقصاء لأي فصيل لا يوافقهم الرأي ومعظم هذه الأحزاب قامت، ويا للجهل والغباء، على أساس الخلاف الذي حدث بين المسلمين منذ ما يزيد على 1400 سنة بعد وفاة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم حين اختلف أصحابه على من يخلفه وأدى إلى مقتل الخلفاء الراشدين عمر وعثمان وعلي رضي الله عليهم أجمعين. منذ ما يزيد على 14 قرناً ونحن نلوك ونعلك وننمي في ذلك الخلاف ونزايد ونتعصب لهذا الطرف أو ذاك. فأي جهل أكبر من ذلك؟ وأصبحنا لحاجة في نفوس هذه الاحزاب ومن أجل التكالب على الأموال والسلطة نزيد الفرقة اشتعالاً ونصم بالكفر المؤمنين بالله ونسينا قرآننا واخترنا منه ما يفيد التعصب والتربص وإلغاء الآخرين ممن لا يدفعون أو يجمعون المال لهذا الطرف أو ذاك.

وفي العقود الأخيرة صارت عمليات غسل الدماغ وسيلتهم للتخريب وقتل الأبرياء وشاهدنا وسمعنا عن الأفراد المساكين الذين حزموهم بالمتفجرات لقتل الناس في الأسواق لا يهم من أي طرف أو فئة أو سن المهم أن يعلن الحزب عن قدرته على الوصول والقتل. أي عقلية مريضة يمكن أن تسمي هذا إسلاماً أو دفاعاً عن الإسلام؟ ومتى صار قتل السنّي للشيعي أو قتل الشيعي للسنّي فرضاً من فروض الدين يدخل صاحبه الجنة؟ هو الجنون والحماقة والكفر بدين الله ما يفعلون. ولكن كيف استطاعوا أن يجدوا من يقبل بهم ويصفق لهم ويشجعهم على أفعالهم؟

لا يكفي أن نشاهد ونسكت. ان الذي يُخرَّب هو ديننا وما يضار هو حياتنا وما يساء إليه هو سمعة الإسلام في كل بقاع الأرض. وعلينا ألا نسكت وأن نعيد فتح عقولنا ونستعيدها من سلطتهم ونقف لهم بالمرصاد في كل مؤسساتنا ونمنع عنهم المال والدعم في كل وسيلة. وإلا فإنهم سيجروننا إلى الهلاك بعد أن يلجأوا إلى أسيادهم بالملايين التي جمعناها لهم. فهل نعي أم مازلنا مغيبين؟

back to top