كان المفترض أن يخصص هذا المقال لوالدي- رحمة الله عليه- في الذكرى الثالثة والعشرين لوفاته (1989/11/26) ولكن الأحداث السياسية وما تمر به مصر الآن أكبر من أي شيء آخر... فعذراً يا والدي... عذرا يا من علمتني الجرأة في الحق يا من علمتني الصراحة والصدق... يا من علمتني مبادئ الإسلام وحب السلام... يا من ربيتني على تحمل الصعب والوفاء للأصحاب... يا من أنشأتني على حب الخير ومساعدة الغير... عذرا يا أبي ولكن دعني أخبرك أني أحن لعينيك أشتاق إليك... أهفو لضمة صدرك وحنان قلبك... أحتاج صواب رأيك وبعد نظرك... أتمناك بجانبي كما كنت دائما تفرح إذا فرحت وتغضب إذا حزنت وتسامح إذا أخطأت... أتذكرك يا والدي مع كل دعوة فجر وصلاة عصر مع كل فرحة عيد ولقاء الجد مع الحفيد... فسامحني إن قصرت واغفر لي إن أخطأت فبرضاك أسعد وأحيا وعلى أمل لقائك أعيش وأبقى... فاللهم اغفر له وسامحه وارحمه رحمة واسعة واجعل قبره روضة من رياض الجنة... اللهم آمين... آمين... آمين.
***ما يحدث في مصر من توتر وانقسامات وخلاف ومشاحنات وأزمة تلد أزمة... إلخ هل يرجع إلى الإعلان الدستوري الأخير في 22/ 11 أم لا؟للإجابة نسأل أنفسنا سؤالاً آخر لو لم يصدر هذا الإعلان هل كان سيحدث ما حدث؟ بصراحة وصدق نعم... نعم كان الانقسام سيحدث في كل الأحوال بالإعلان وبدونه وكما شاهدنا وقبل صدور الإعلان ومع ذكرى أحداث محمد محمود في 19/ 11 استغلها البعض في إثارة الفتنة وإشعال الأزمة، وقام المحتفلون بالشهداء بإلقاء الحجارة وزجاجات المولوتوف على وزارة الداخلية وأفراد الحرس أمامها، فبالله عليكم ما العلاقة بين ذكرى الشهداء والاعتداء على الوزارة؟ سوى إثارة الفتنة وقد نجحوا فعلاً في ذلك وقبل الإعلان الدستوري، ولكن السؤال الأهم لماذا... لماذا يسعى البعض لإثارة الأزمات وتكريس الانقسام في الشارع المصري؟إن الدوافع الكامنة وراء إشعال الأزمات وتكريس الانقسام يمكن تلخيصها في ثلاثة أسباب:الأول: رفض بعض الجماعات السياسية والأحزاب الشبابية الجديدة وكرههم لـ"الإخوان" نتيجة الموروث السلطوي الرافض لهم والمشوه لصورتهم خلال عقود عدة من الزمن، فكثير من هؤلاء يرفضونهم ويكرهونهم بلا سبب سوى أنهم سمعوا من غيرهم أن "الإخوان" فاسدون وغير وطنيين وأن انتماءهم للتنظيم أكبر من ولائهم لبلدهم دون سند ولا دليل سوى كلام مرسل سمعوه من غيرهم وهذه الجماعات الشبابية بيئة صالحة وخصبة لإثارة الانقسامات وتأجيج النيران والفتن.الثاني: بعض رؤساء الأحزاب (كأشخاص) يرون أنفسهم أكبر من أن يكون مرسي رئيسهم ويرون أنفسهم أحق بالرئاسة منه وفي سبيل ذلك لا يتورعون ولا يتراجعون عن فعل أي شيء من أجل إفشاله وزيادة سخط الشعب عليه فكرههم لمرسي أكبر من رغبتهم في استقرار البلاد.الثالث: بعض رموز وبقايا النظام السابق ممن نالوا براءتهم بأيدي قضاة مبارك ويخشون إن استقرت الأمور أن يبدأ الرئيس في إعادة محاكمتهم والتحقيق معهم وعودتهم إلى محبسهم.ويعمل هؤلاء الثلاثة تحت مظله من التهييج الإعلامي المستمر وبمساندة بعض القضاة ممن يدينون بالفضل والوفاء لمبارك ولذلك كان من الطبيعي أن يبحث هؤلاء عن "قميص عثمان" ليرتدوه تحقيقا لمآربهم وتنفيذاً لمخططهم، وكان القميص هو حقوق الشهداء والوفاء للثوار.ولما نزع عنهم الإعلان الدستوري الأخير هذا القميص بإقالة النائب العام وإعادة المحاكمات كان من الضروري سرعة البحث عن قميص آخر أشد قوة وأكثر سماكة وتماسكاً، وكان في الاعتداء على استقلال القضاء وتحصين القرارات الرئاسية ما يحقق أملهم فصالوا وجالوا وأرغوا وأزبدوا عن الفرعون والدكتاتور والإله الذي يحكم... رغم أنهم يسبونه ليل نهار ويسخر سفهاؤهم منه ولم يتعرض لهم... أهكذا يكون الفرعون والدكتاتور؟ أي فرعون هذا الذي يستهزئ به البعض ويقف صامتا أمامه؟!ولو حدث وتراجع مرسي مثلا أو تم حل هذه الأزمة بطريقة أو بأخرى فلن تنتهي الانقسامات والأزمات، فالكره لمرسي و"الإخوان" أكبر بكثير عند البعض من استقرار البلاد ومصلحة الشعب ونجاح الثورة. قال تعالى "... ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى"- (المائدة- الآية 8).
مقالات
والدي... ومرسي وقميص عثمان
30-11-2012