ثورات حرية... أم تأزيم؟!
![تركي الدخيل](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1491377907467332200/1491377907000/1280x960.jpg)
يدافع بعض المهووسين والمأخوذين -حتى الآن- بنشوة الثورة عن المحامي المقبوض عليه، بحجة أنه ناقد للسعودية، وأن الأخيرة وضعت الحبوب في شنطته! مع أن معظمنا لم يعرف الجيزاوي إلا بعد القبض عليه. ولو كانت السعودية ستظلم أحداً لفعلت ذلك مع ألّد أعدائها من الإيرانيين وسواهم الذين يأتون إلى الحرمين بكل حرية وطلاقة ولم يعترضهم أحد. قياديون سياسيون ضد السعودية يعادونها بوضوح ومع ذلك تمنح لهم فرص العمرة والحج، ولم تضطر إلى دس الحبوب مع هذه الشنطة أو تلك، لكنها نشوة الثورة والنرجسية الساذجة التي تجعل الثائرين يظنون أن لهم قداسة على الناس، وأنهم فوق القانون.هذه مشكلة الثورات عامة، والثورة المصرية خاصة، أنها أوهمت الثائرين بقداستهم الموهومة. ومع مجيء الحركات الإسلامية المتشددة للحكم غاب الشباب، لم يظهر وائل غنيم، وإنما محمد سعد الكتاتني. غاب الشباب وحضرت الأسماء الحركية المتطرفة، امتطى الإخوان ثورات الشباب. وبدأ الفرز في العلاقات المصرية على أساس الأيديولوجيا الإخوانية. بدأوا استهداف الخليج الذي يعلمون أنه يريد التنمية والتطور بعيداً عن الأزمات الأيديولوجية. مشكلة الإخوان أنهم يريدون تحويل البلدان إلى مختبرات تجارب لأزماتهم السياسية، هذا هو الذي فعلوه مع السعودية ومع دول الخليج التي تحصن نفسها من الإخوانيين الذين يفسدون الدين بإدخاله في السياسة، ويؤسسون تنظيمات سرية خطيرة ومدمرة.هذه هي مشكلات الثورة المصرية، أزمات متعددة، نفسية واقتصادية واجتماعية. هُزم الشباب الذين ثاروا وعادوا إلى بيوتهم قسراً، غُلب وائل غنيم بسلاح الكتاتني وجماعته وحركته. والذي يجري في مصر الآن من نرجسية عالية، وطغيان فج على الآخرين وعلوهم ضد القوانين لا يدمر إلا مصر نفسها. الخليج آوى العاملين المصريين، وهذا ما لم تفعله إيران، 47 في المئة من العاملين المصريين في الخارج يعملون بالسعودية، فلا معنى للتصعيد الأجوف مع بلدان تحتاجها مصر كثيراً. فهل تذهب النشوة وتأتي الفكرة؟!