وسط مناخ استقطاب سياسي وديني غير مسبوق، شهدت مصر ليلة دموية تحولت فيها القاهرة إلى ميدان لحرب شوارع بين أنصار الرئيس محمد مرسي ومعارضيه، كان بؤرتها قصر الرئاسة، بضاحية مصر الجديدة.
وكانت ليلة الأربعاء- الخميس هي الأعنف، بعد أن شهد محيط قصر «الاتحادية» أحداثاً دامية بعد أن قام أنصار الرئيس وجماعة «الإخوان المسلمين» بمهاجمة المعتصمين من القوى المدنية وإزالة خيامهم بالقوة، ما أدى إلى اشتعال الأحداث واستخدام الحجارة والمولوتوف بين الطرفين، وامتدت إلى شارع «الخليفة المأمون» وميدان «روكسي» القريبين من القصر، وسط تبادل اتهامات باستخدام أسلحة نارية.الاشتباكات تصاعدت بسرعة في غياب الرئيس المصري عن المشهد، والذي غادر القصر الرئاسي وسط صيحات التأييد من أنصاره، وتبادل الطرفان التراشق بالحجارة، واستخدام أسلحة نارية ليسقط 6 متظاهرين قتلى و644 مصاباً، وفقا لبيان وزارة الصحة المصرية، قبل أن تفصل قوات الأمن بين الفريقين، صباح أمس. وبينما أعلنت الرئاسة أمس حظر التجمهر في محيط قصر «الاتحادية» لمواجهة إعلان القوى المدنية عن تنظيم مسيرات للإعلان عن رفضهم لما وصفوه بـ«بلطجة الإخوان»، شهدت المنطقة المحيطة بالقصر الرئاسي تواجداً مكثفا لقوات الحرس الجمهوري والأمن المركزي وتم وضع الأسلاك الشائكة أمام الطرق المؤدية إليه.وقال قائد قوات الحرس الجمهوري اللواء أركان حرب محمد زكي لـ»الجريدة» إن «تواجد الحرس في محيط القصر الرئاسي، لفصل الاشتباك بين المؤيدين والمعارضين للرئيس، ولعدم حدوث أي إصابات اخرى»، مشدداً على أن «القوات المسلحة وقوات الحرس الجمهوري حريصة على جميع أرواح الشعب وأنها لن تكون أداة لقمع المتظاهرين».وتبادل أنصار مرسي ومعارضوه الاتهامات في بلاغات قدمت أمام النائب العام المستشار طلعت عبدالله، وأصدر الأخير أوامره ببدء التحقيق في اشتباكات «الاتحادية» لتحديد المسؤولية الجنائية عن تلك الأحداث.سقوط الشرعيةونالت الأحداث أمام «الاتحادية» من شرعية مرسي، خصوصا مع إعلان أربعة من أعضاء فريق مرسي الرئاسي استقالتهم أمس الأول من مناصبهم احتجاجاً على العنف الذي تشهده البلاد حاليا، إذ أعلن كل من أستاذ العلوم السياسية سيف عبدالفتاح والإعلامي عمرو الليثي والمهندس محمد عصمت سيف الدولة استقالتهم.ولخص موقف المنسحبين الصحافي أيمن الصياد الذي أعلن استقالته في تغريدة على «تويتر» قائلا عقب اندلاع الأحداث: «نعلن خبر استقالاتنا الذي أخفيناه أسبوعا كاملا بهدف البحث عن حل بلا جدوى، عن مستقلي الهيئة الاستشارية أتحدث»، ليصل بذلك عدد المستقيلين من فريق مرسي إلى سبعة بعد إعلان كل من سمير مرقص، وفاروق جويدة وسكينة فؤاد الاستقالة، وكلهم من المستقلين سياسيا وفكريا، ليبقى مستشارو الرئيس من التيارات الإسلامية في مناصبهم.موجة الاستقالات ضربت حزب «الحرية والعدالة» الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»، حيث أعلن نائبه المفكر القبطي رفيق حبيب استقالته من منصبه كمستشار للرئيس والانسحاب من الحياة السياسية، اعتراضا على الأحداث، فيما أعلن رئيس التلفزيون المصري الإعلامي عصام الأمير استقالته من إدارة التلفزيون الرسمي، كما اعتزل المتحدث باسم الجمعية التأسيسية محمد عبدالمنعم الصاوي العمل السياسي.بدورها، أعلنت جبهة الإنقاذ الوطني، التي تضم القوى المدنية، عن قرارها الانعقاد الدائم لمتابعة مستجدات الأحداث، وعقدت القوى المدنية مؤتمرا صحافيا أمس لإعلان تفاصيل المشاركة في جمعة «الشرعية للشعب» اليوم.وفي حين اعتبر رئيس حزب «الدستور» محمد البرادعي العنف المفرط ضد التظاهر السلمي وقتل المتظاهرين موتاً للإعلان الدستوري والاستفتاء إكلينيكيا ما يفقد النظام شرعيته»، قال المتحدث الرسمي باسم الجبهة الإعلامي حسين عبدالغني لـ»الجريدة»: «نتعامل مع مرسي الآن لا باعتباره رئيسا للبلاد بل باعتباره عضوا في جماعة الإخوان يريد أن يخضع مصر لهيمنة جماعته».قرار النزولإلى ذلك، قالت مصادر في جماعة «الإخوان» لـ«الجريدة» إن قرار النزول إلى الاتحادية تم اتخاذه بعد توافر معلومات مؤكدة عن نية المعتصمين اقتحام القصر الجمهوري. وكشف الباحث الإسلامي إبراهيم الهضيبي لـ«الجريدة» أن «نائب مرشد الجماعة خيرت الشاطر هو المسؤول عن قرار نزول الإخوان في مسيرات للقصر».
دوليات
مصر: «مذبحة الاتحادية» تهز شرعية الرئيس
07-12-2012