أول العمود: التظاهرات الصامتة تعني كساداً لمبيعات المايكرفون... والصوت العالي.

Ad

***

برز اختلاف وجهات النظر بعد المظاهرة والمسيرة الأخيرة بين مؤيد ومعارض، وإن كان المعارضون قد وقفوا ضد الطريقة لا مبدأ التظاهر بحد ذاته. نحن في الكويت اليوم نعيش منعطفاً خطيراً لا صلة له بالعقد الذي يربط الشعب بالأسرة الحاكمة الكريمة، فهي حجر أساس في النظام السياسي الكويتي، لكن المشكلة التي يجمع عليها الشعب بمن فيهم من يحزنه الخروج إلى الشارع، وأنا أحدهم، هو موضوع "تقدم الكويت ونهضتها"، والذي لا مبرر لتأخيره مع وجود المال والبشر. لي رأي حول ما جرى أخيراً من تظاهرة ومسيرة، وأقر بدءاً بأن سبب ما نحن فيه هو طريقة إدارة البلد التي استمرت في استنزاف جانب من الأموال والجهود في غير مكانها الصحيح، لكن ومن زاوية أخرى يجب عدم مجاملة كل ما يأتي به الشارع تحت ذريعة أن "الشباب يريد ذلك"، خصوصاً إذا نحا منحى الفوضى، وعدم الانضباط، وإثارة الهلع بين الناس، أو حتى تستّر بكلمة الحراك الشبابي، فالشباب يعبر عن رأيه وطريقته في المعالجة وهذا حقه، لكن يجب أن يعي أن هناك شرائح مختلفة تعارضه هذا الرأي والطريقة.

حل مشاكل البلد لا تأتي بالشعارات التي لا يستوعبها مطلقوها، ولا يأتي بالتحدي وإطلاق الشتائم، أو الإساءة إلى مفهوم التظاهر السلمي الذي هو من أبجديات التعبير المدني عن عدم الرضا الشعبي عن سياسات الإدارة الحكومية.

لقد عبر سمو الأمير في لقاءاته العفوية الأخيرة عن تخوفه من الفوضى التي سادت الظاهرة الأخيرة بكلمة "الكويت بغت تروح"، وهو تقدير رئيس الدولة الذي يجب أن يقدَّر ويؤخَذ في الاعتبار، فسموه لم يمنع التظاهر السلمي، بل أكد هذا الحق في أحاديثه الأخيرة، لكنه نادى بالمحافظة على أمن البلد في الوقت نفسه. كما كان قد طلب- عبر مستشاريه- تأجيل تظاهرة تزامنت مع وصول ضيوفه في مؤتمر قمة آسيا لمدة يومين، وكان أن رفض المنظمون والداعون هذا الطلب بكل حماقة. يجب أن يعي الشباب أن للتغيير أدوات قانونية ودستورية مشروعة، ويجب عليه أيضاً أن يؤكد وينمي الحس القانوني في تحركه في الشارع، وألا ينجرف وراء أجندات ضيقة لأطراف تريد الفوضى لهذا البلد حتى لو كانت أطرافاً نيابية أعتبرها شخصياً جزءاً من المشكلة.

يجب التفريق بين من يعمل على ترسيخ العمل بالدستور ومن عمل على محاربته، سواء داخل البرلمان أو خارجه، كما هو دأب القوى الدينية وغيرها التي لا تؤمن بالقانون.

كما يجب الانتباه إلى أن التفاخر بعدد المتظاهرين ليس قضية بحد ذاتها، فمن تظاهروا في حملة تغيير الدوائر إلى خمس لم يكونوا بالكم الكبير، لكنهم استطاعوا تحقيق هدفهم الذي اتضح لاحقاً أنه ليس الأنسب!

هذا رأيي في التظاهر، أما الحكومة- وهي حجر الأساس في المسألة- فعليها أن تستخدم المال العام، وتجند أبناءها لإصلاح الأخطاء والقضاء على الفساد، وباستطاعتها ذلك... وكفانا مجاملات.