علاج سرطان الثدي... هل يضرّ بالقلب؟

نشر في 26-08-2012 | 00:01
آخر تحديث 26-08-2012 | 00:01
No Image Caption
النساء اللاتي يخضعن لجراحة استئصال الورم من الثدي في مراحل السرطان المبكرة، غالباً ما يتلقين العلاج الإشعاعي كجزء من علاجهن. يقتل الإشعاع الخلايا السرطانية التي تخلفت عن الجراحة، ما يساعد في منعها من تكراره أو انتشاره إلى الأنسجة الأخرى.

في دراسة نشرت عام 2011 في مجلة «لانسيت»، شملت أكثر من 10000 امرأة تمت معالجتهن من خلال جراحة الحفاظ على الثدي، قلَّص الإشعاع معدل تكرار الإصابة كل عشر سنوات من الثلث إلى النصف.

وجدت دراسات كثيرة أن استئصال الثدي المصاب بالسرطان ليس أكثر فاعلية من استئصال الورم والاستعانة بالعلاج بالإشعاع. يمكن أيضاً الخضوع للعلاج بالإشعاع بعد استئصال الثدي، لكن يتوقف الأمر على حجم السرطان أو مدى انتشاره.

يكمن الجانب السلبي الرئيس من الإشعاع في تسببه في حدوث تلف في القلب. وجدت الدراسات أن اللواتي يخضعن لعلاج بالإشعاع لسرطان الثدي تزيد لديهن مخاطر الإصابة بأمراض القلب والموت لأسباب قلبية، لا سيما المصابات بالسرطان في الثدي الأيسر القريب من القلب. منذ أوائل التسعينيات، أُدخلت تطورات تقنية لتخفيض خطر تعريض القلب للإشعاع، لكن لم يتبين بعد مدى فاعليتها في ذلك، ويرجع السبب جزئيًا إلى أن أمراض القلب تتطور عادة بعد أكثر من عشر سنوات من التعرض للإشعاع، بينما كانت دراسات المتابعة قصيرة جدًا.  فضلاً عن أن الباحثين لم يكن واضحًا لديهم تمامًا كيف يضرّ الإشعاع بالقلب.

وقد وجدت دراسة مهمة أن المرأة التي تتعرض للإشعاع لمعالجة سرطان الثدي، خصوصاً على الجانب الأيسر، تزداد لديها مخاطر تضيق الشرايين التاجية التي تتلقى معظم الإشعاع، ما قد يؤدي إلى منع تدفق الدم إلى القلب ويسبب نوبة قلبية. أما النتائج، التي نشرت على الإنترنت في دورية علم الأورام السريري (27 ديسمبر 2011)، فأشارت إلى أنه يتعين على الأطباء الذين يخططون لإجراء علاج بالإشعاع فعل كل ما في وسعهم لحماية الشرايين التاجية.

فحص الباحثون في جامعة أوبسالا في السويد بيانات طبية تخصّ 8190 امرأة سويدية مصابات بسرطان الثدي بين عامي 1970 و2004، وتفحصوا البيانات مع سجلات تصوير الأوعية التاجية (علاج الشرايين التاجية المسدودة) التي أجريت في المستشفيات بين عامي 1990 و2004. وجد الباحثون أن 199 امرأة من المصابات خضعن لتصوير الأوعية التاجية. قبل تحليل البيانات، حدد الباحثون منطقتين في الشرايين التاجية تتلقيان الإشعاع («النقاط الساخنة») وصنفوا نظم الإشعاع على أنها «منخفضة المخاطر» أو «عالية المخاطر» في تشعيع المنطقتين. (كانت النظم العالية المخاطر أكثر شيوعًا في السنوات السابقة، عندما كان يتم التحكم بالإشعاع بنسبة أقل مما كانت عليه في الآونة الأخيرة.) بعد ذلك، أعادت طبيبة الأشعة النظر في أشعة تصوير القلب وسجلت درجة التضيّق في قطاعات عدة من الشرايين التاجية الرئيسة.

بين 62 في المئة من اللواتي تلقين الإشعاع، كانت المصابات بسرطان الثدي في الجانب الأيسر نحو أربع مرات أكثر عرضة من المصابات بسرطان الثدي في الجانب الأيمن لتضيّق معتدل في الشرايين التاجية، ونحو سبع مرات أكثر عرضة للإصابة بتضيق شديد.

قيود وآثار مترتبة

لم يكن الباحثون يملكون بيانات عن جرعة الإشعاع التي تنفرد بها كل امرأة أو عن عوامل الخطر لكل امرأة للإصابة بأمراض القلب. بالتالي، كان دور حجم الإشعاع غير واضح. مع ذلك، فإن النتائج تضيف إلى الأدلة المتزايدة على أن العلاج الإشعاعي لسرطان الثدي قد يسبب أمراض القلب، وتشير بقوة إلى أن إحدى الآليات هي الأضرار التي لحقت بالشرايين التاجية. الجدير بالتصديق من الناحية البيولوجية أن الإشعاع يسبب التهابًا في الخلايا المبطنة للشرايين التي تؤدي في النهاية إلى تشنج الشرايين وتضيّقها. هذه الدراسة هي واحدة من أولى وكبرى الدراسات التي تحقق في الآثار المترتبة على العلاج الإشعاعي لسرطان الثدي على مواقع تشريحية محددة في القلب؛ ونحتاج إلى مزيد من البحث لمعرفة ما إذا كانت مواقع أخرى تتأثر (أظهر البحث من جامعة ديوك أن الإشعاع قد يسبب تشوهات في تروية القلب أي تدفق الدم من خلال عضلة القلب).

لا ينبغي أن تشكل النتائج سببًا للاختيار بين استئصال الثدي وبين استئصال الورم والخضوع للإشعاع. تشير هذه الدراسة وغيرها إلى أن التقنيات الحديثة تساعد على التقليل من خطر التعرض لمشاكل قلبية. كذلك، لن تواجه كل امرأة تتعرض للإشعاع (حتى على الجانب الأيسر) مشاكل مماثلة. (199 امرأة فقط من أكثر من 5000 من اللواتي تعرضن للإشعاع تطلبت حالتهن تصوير الأوعية التاجية). ويختلف التشريح من امرأة إلى أخرى. يقول الدكتور ألفونس تاغيان (رئيس قسم أشعة أورام الثدي في مستشفى ماساتشوستس العام  في بوسطن): «قد يكون القلب في الصدر الأيسر، أو قد يكون في الوسط. قد يكون قريبًا من الثدي أو غير قريب جدًا». اليوم، يمكن للأطباء استخدام الأشعة المقطعية وغيرها من تقنيات لتحديد موقع القلب والرئة والسرطان بدقة قبل اختيار زاوية الإشعاع. ويفسر الدكتور تاغيان: «في الماضي، اعتدنا على معالجة جميع المرضى بالطريقة نفسها، لكن الآن لدينا ما يكفي من التكنولوجيات لتجزئة العلاج».

نصائح

في حال تمّ تشخيص إصابتك بسرطان الثدي وستخضعين للعلاج الإشعاعي، تحدثي إلى طبيب اختصاصي في المعالجة الشعاعية للأورام حول المخاطر التي يتعرض لها قلبك، خصوصاً إذا أُصبت بسرطان الثدي في الجانب الأيسر. ينصحك الدكتور تاغيان بأن تسألي عن الخيارات التالية:

- تقنية حبس التنفس: هذه الاستراتيجية تنصح المريضة بأن تأخذ نفسًا عميقًا وتحبسه، فيما تتعرضه للإشعاع (حوالى 16 ثانية في حقل الإشعاع). بالتالي، توسع تجويف الصدر وتزيد من المسافة بين نسيج الثدي والقلب. لدى معظم النساء يتحرك القلب تمامًا من مجال الإشعاع، فيما يمكن عبور جزء منه لدى بعضهن في حالة الثدي الأيسر. فيمكن بذلك تجنب هذا الخطر مع تقنية حبس التنفس التي تحرك القلب إلى خارج حقل الإشعاع.

- تشعيع الثدي الجزئي: في هذه الطريقة، يوجه الطبيب الإشعاع إلى موقع الورم والمنطقة المحيطة به فحسب، بدلاً من الثدي كله، ولوقت أقصر أي لمدة أسبوع أو أسبوعين، بدلاً من ستة أو سبعة أسابيع. يقلل تشعيع الثدي الجزئي من تعرض القلب للإشعاع بنسبة 85 في المئة. إذا كان لديك ورم صغير في الثدي ولم تتأثر العقدة الليمفاوية، قد تخضعين لذلك.

- العلاج البروتوني: يعيد بعض الأطباء الاختصاصيين في المعالجة الشعاعية للأورام التفكير في استخدام العلاج «البريتوني» للنساء المصابات بسرطان الثدي العرضة لأزمة في القلب بسبب الإشعاع والعلاج الكيماوي. تتمثل الميزة على مستوى الإشعاع (الذي يستخدم الفوتونات) في إمكان توجيه البروتونات وتركيزها بشكل أكبر. العلاج البريتوني مكلف جداً ولم يتم استخدامه على نطاق واسع لمعالجة سرطان الثدي، لكن التجارب السريرية الجارية في مستشفى ماساتشوستس العام ستستخدمه مع المصابات بسرطان الثدي المتقدم في الجانب الأيسر.

back to top