خلف السلامة آخر ضحايا زمن الوفاء داخل المستطيل الأخضر
«الصد ونكران الجميل»، هذا هو الحال في الأندية الكويتية التي تستنزف اللاعب في سنوات عطائه، وهي على استعداد لتلبية كل متطلباته، والتجاوز عن زلاته طالما هو قادر على العطاء، لكنها تظهر، أي الأندية، الوجه القبيح إذا جاء الدور عليها لترد جزءاً ولو كان بسيطاً من حقوق مستحقة الدفع لهذا اللاعب في نهاية مشواره.
خلف السلامة اسم لامع في سماء كرة القدم الكويتية، قدم الكثير والكثير سواء مع الأزرق، الذي ارتدى قميصه مبكراً وعمره تسعة عشر عاماً في دورة أولمبياد سيدني عام 2000، ليحفر مع المنتخب اسمه بحروف من ذهب، حتى لقبته جماهير الكرة والنقاد بالحاسم، كما قدم السلامة مع الأندية التي لعب لها بداية من الجهراء ثم الكويت، وبعدها المرحلة الأهم في حياته عندما لعب للقادسية، ليقدم إبداعاً لا يقل عن الذي قدمه بقميص المنتخب الوطني، فهو من رواد نادي المئة القلائل في الكرة الكويتية، حيث أتم تسجيل 100 هدف في المسابقات المحلية في عام 2009، وبعدها واصل عطاءه مع القادسية قبل أن يختتم مشواره مع السالمية، وقبل الاعتذار الأخير الذي قدمه للسماوي بداية هذا الموسم، للمغادرة مع فلذة كبده الأصغر طلال لعلاجه في الولايات المتحدة الأميركية.ما ذكرناه سلفاً لن يعطي النجم الذي أسعد الجماهير الكويتية والخليجية والعربية بفنه الكروي وخلقه الراقي جزءاً من حقه، لكنه كان مقدمة لعدم وفاء الأندية الكويتية، التي تعاملت مع هذا اللاعب الموهوب وهو يهم بتوديع المستطيل الأخضر، والساحرة المستديرة التي داعبها وأمتعها بلمساته الساحرة، تعاملت معه الأندية بالصد والنكران، حيث أوصدت في وجه السلامة الأبواب الواسعة ولم تراع خدمته الممتدة على مدار أكثر من عشرين عاماً، حيث جاءت لحظة التكريم التي حددها اللاعب سابقا، لكنه لظروف مرض ابنه طلال والتردد على بلاد العم سام كثيراً، طلب من مسؤولي القادسية والعربي تأجيل مهرجان تكريمه إلى القسم الثالث، وخاطب العربي عبر كتاب رسمي بهذا المعنى منذ منتصف أكتوبر، لتمضي الأيام والأسابيع من دون جواب شاف من النادي العربي، حتى كان الاثنين الماضي وقبل أيام قليلة من مواجهة الدربي الأخير بين القادسية والعربي، ليرد العربي برفض طلب تأجيل مهرجان الاعتزال، بل أعلن النادي عبر أمين السر أن النادي العرباوي تنازل عن حقه للسلامة، علماً بأن العربي ليس له أي حقوق يتنازل عنها في الأساس!
وقتها انتظر السلامة ليسمع جواباً شافياً من إدارة القادسية، هذه القلعة العريقة التي كان السلامة يوماً من الأيام أحد أسباب فرحتها ورفعتها، لكن الجواب جاء خافتاً بصوت لا يكاد يسمع... (عليك بقبول إقامة مهرجان اعتزالك أمام العربي إلى حين النظر من جديد في كيفية معالجة ذلك لاحقاً)، الكلام وقع على السلامة كالصاعقة، وظل يفكر "كيف يكون مهرجان اعتزالي وأنا الذي أفنيت زهرة شبابي في الملاعب في السر؟!، فلا دعوات جهزتها، ولا ترتيبات لمهرجان يليق بالحدث أعددتها، ليقرر النجم الغني بأخلاقه عدم حضور المهرجان في صمت ومن دون أن يصرح ضد من حرموه بهجة يوم تكريمه المعنوي، فلا أموال تستحق التضحية بالكرامة من وراء مهرجانات التكريم في الكويت كما يعتقد البعض، لكنها بضعة دروع يضعها اللاعب المعتزل في دولاب ذكرياته، أملا في أن تشفع عند أبنائه وأحفاده عن العمر المنقضي".ما عناه خالد الفضلي حارس الكويت لإقامة مهرجان اعتزاله، وما حدث مع خلف السلامة، وما سيحدث مع نجوم الكرة الكويتية بعد ذلك قليل من كثير تزخر به الأندية الكويتية لخدمة من أفنوا زهزة شبابهم، وأجمل الأيام في خدمة الرياضة الكويتية!