ماذا يفعل الحُب بنا؟!
يقلّم أظافر إنسانيتنا الحادة يؤنسنها... يجعلنا ضعفاء ليكمل نقص آدميتنا! يآلفنا مع اختلافنا ونقبّل جبين الريح عربون شكر لأنها اقتلعتنا من جذورنا ليحصد الغد حلو الجنى نتّقي الخوض بالوحل، بينما يغرق فيه البعض! نخاف هول الوحل نحن الضعفاء، فنستجير بالأشرعة، والحب مرفأ نرتجي أن تستوطنه قلوبنا، لتنفتح جنائن الدنيا بين أيدينا، فنكافأ على نقاء ضعفنا، ماذا يفعل الحب بنا؟! يجرّدنا من ملامحنا، ومن بصماتنا، ومن أسمائنا، ثم يعيد لنا كل أغراضنا الشخصية ولكن بعد أن أعاد تسميتها دون حتى أن يسألنا كيف نريد لون عيوننا، حتى لو أعطيناها له طائعين! لم يسألنا إن كنّا نحب أن يراعي فرديتنا بدلا من أن يحمّمنا في العراء، أو إن كنا ندرك أنه يرى كل العاشقين... أنا! وكل عاشق يرى أنه أنا لأن «أنت» ليست مفردة صالحة للاستعمال في لغة الحب «أنت» كانت أول مسمار يُدق لأول محاولة بناءٍ لتابوت الحب، لذا كل مسمار يعرف من أين يؤكل الخشب يخطّ شهادة وفاته، الحب يغيّر مرادفات مفرداتنا ليصبح مرادف «أنت» هو: اللافتة المؤدية إلى الموت! يمر التائه عندما يتّبعها بمحطات مظلمة وموحشة بالأشباح يضيئها المنتظرون بأعواد الثقاب وقطعا من ملابسهم التي تستر قلوبهم العارية تحت سماء حالكة تمطر مطرا لزجا له رائحة كريهة... مزيجا من ثمر شجرة الكراهية، وزيت الحقد، وماء الغرور، وأشياء أخرى لم يتم التعرف عليها تلك هي المحطات التي ينتظر بها من يتبع لافتة: أنت الحب يغيّر مرادفات مفرداتنا، ولن يتمكن عاشقان من الحديث ليفهما ما يقال، قبل أن يرميا قواميسهما اللغوية في سلّة المهملات ويحفظا عن ظهر قلب قاموس لغة الحب! لن يتمكنا من قراءة مراسيل الغرام المخبأة في أغانيهما، والمعطرّة بالنداءات الخضراء المرسلة لعين الشمس! في وطن الحب حتى كلمة أحبك ليس لها ذات المعنى لأي عاشقين. الحب يجعل المحبين الذين يريدون النجاة من الموت بسبب أخطاء فادحة نتيجة قصور في معرفة لغته، يجعلهم يصرّون على إتقان اللغة قبل أن يتّخذوا مكانهم في فصول الحب، بالرغم من أن الصدفة أحيانا هي التي تفرض شهوتها في مباغتة أمننا فنجد أنفسنا في باحة المدرسة لا نفهم ما يقوله الأطفال الذين يردّدون نشيدهم الوطني! لم يسألنا أحد، لم يأخذ مشورتنا أحد، لم نُعرض في شاشات التلفزيون بحماية منظمات حقوق الإنسان، والصليب الأحمر، ووفد رفيع المستوى من منظمة المؤتمر الإسلامي بعد أن «أخِذْنا» هناك دون وجه حق! وبمناسبة وجه حق هذه فإن مفردة حق لها مرادف في لغة الحب يعني: درجة من المعرفة، لا ينطق بها إلا من تطّهر من دنس الباطل! أي سلطان هذا الذي ينسف ما نطقت به ألستنا! أيّ اختبار قاسٍ كهذا؟! ومن ذا الذي يكتب له النجاح؟! الضعفاء... الضعفاء فقط هم من سيفوزون بالنصر الذي يبرأ ضعفهم الضعفاء للحب، وليس الضعفاء في الحب الذين يسرّحون جدائل الصبر بمشط أهدابهم ماذا يفعل الحب بنا؟! ليجعلنا نصدّق وعده بتهنئة ضعفنا!
توابل - ثقافات
ماذا يفعل الحُب بنا؟!
22-03-2012