انتخابات «إبراء الذمة»
معظم المشاركين في الانتخابات «ترشحاً» يخوضونها إما رفضاً للمقاطعين وإما إرضاءً للحكومة، وسيعملون على إقناع الناس بالتصويت لهم نكاية في الأغلبية المقاطِعة التي قدمت مثالاً سيئاً جداً في المجلس المبطل.
«إذا امتلأت المعدة، نامت الفكرة وخرست الحكمة». لقمان الحكيم
مرت التجربة الديمقراطية الكويتية خلال السنوات القليلة الماضية بالعديد من المنعطفات الحادة، التي أدت إلى تذبذب الاستقرار السياسي، بل إلى انعدامه في كثير من الأحيان، ونتيجة لضعف التشريعات التي تحمي حقوق المواطنين، والأقليات خصوصاً، بالإضافة إلى انتشار الواسطة والمحسوبية، وضعف الحكومات المتعاقبة، ازدادت حدة الانقسام المجتمعي، وأخذت مكونات المجتمع بالانكماش والانعزال عن مثيلاتها إلا عند الضرورات التي يحكمها ما تبقى من موروثنا المجتمعي، والمصالح في معظم الأحيان. كما أن سوء استغلال الوفرة المالية بالشكل الصحيح تسبب في فقدان ثقة المواطن بالدولة من جهة، وأسال لعاب البعض الآخر المتربص للانقضاض على تلك الكعكة "السايبة" من جهة أخرى. كل تلك العوامل، وغيرها، ساهمت في وأد أي فكرة للتطور الديمقراطي الذي يدعمه دستور 62 أساساً، مما انعكس سلباً على مخرجات الانتخابات التشريعية، وسط ترحيب من معظم دول المنطقة التي تعتبر أي تطور للديمقراطية الكويتية ناقوس خطر يهدد استقرارها! أما بخصوص انتخابات مجلس الأمة القادمة، التي انقسم بها المجتمع إلى مؤيد للمشاركة "أزرق" ومقاطع "برتقالي"، نلاحظ غياباً تاماً للبرامج الانتخابية والأفكار والمشاريع الحقيقية وارتفاع نبرة العناد والتخوين.فمعظم المشاركين "ترشحاً" يخوضونها إما رفضا للمقاطعين وإما إرضاءً للحكومة، وسيعملون على إقناع الناس بالتصويت لهم نكاية في الأغلبية المقاطِعة التي قدمت مثالاً سيئاً جداً في المجلس المبطل. ولكن في المقابل، تبقى على المشاركين في هذه الانتخابات "انتخاباً" مسؤولية كبيرة تتمثل بالبحث عن البديل الناجح وسط العزوف الواضح، وعدم الاكتفاء بردود الأفعال، وعليها كذلك كشف ذلك المرشح الذي لا يملك مشروعاً عدا أنه "ضد المقاطعة" أو "مستخدَماً" حكومياً لا أكثر!خربشة: أغلبية "الإقصاء وتجار الدين"، وأقلية "اللا حول ولا قوة"، وحكومة "الموت السريري"، أنتم جميعكم أسباب رئيسة لأمراض، أكثر من تلك التي تُكتب على علب السجائر!