جاء اختيار اللهجة الخليجية عنواناً للمقال؛ لزيادة جرعة الدهشة والتعجب فـ"شنو هذا؟" تساؤل يفيد الدهشة وعدم التصديق، ولا يوجد تعبير أصدق منه للدلالة عما يحدث في مصر هذه الأيام، خاصة من جانب الحاكم بأمره؛ عذرا المجلس العسكري... والسؤال الذي يتردد الآن، وبقوة بين الجميع: ماذا يريد "العسكري"؟ تحدثت كثيرا عن أخطاء المجلس العسكري خلال المرحلة الانتقالية وتسببه في الفوضى السياسية التي عانتها مصر طوال عمر الثورة، وأنه الفاعل الحقيقي وراء كل ما كان من أحداث، ووصفتُ- أكثر من مرة- الغباء السياسي الذي قام به، وعندما قام بحل مجلس الشعب والحكم باستمرار شفيق في الانتخابات (من خلال القضاء) قبل موعد الانتخابات بيومين اعتقد البعض أن ذلك دهاء ومكر سياسي، وأنه لاعب ماهر لكن ثبت العكس تماماً، وتأكد الجميع من صدق ما قلته وكررته كثيرا، فكان ما فعله سببا إضافيا في حصول مرشح الإخوان على عدد أكبر من الأصوات، وفقدان مرشح المجلس (نسمي الأمور بواقعها وحقيقتها) لأصوات كثيرة، وخسارته- إلا إذا استمر غباء المجلس وتدخل بصورة مباشرة في تعديل النتيجة- بعد أن كان الجميع يتوقع فوزه. وأكمل المجلس تهوره السياسي وفقدانه للرؤية المستقبلية بإصداره ما سمي "الإعلان المكمل للدستور"، ولو أضيف هذا الإعلان إلى ما سبقه من إعلانات دستورية وما سيتلوه أيضا خلال فترة حل مجلس الشعب لأصبح لدينا دستور كامل على طريقة "قص ولزق" من عدة إعلانات دستورية؛ لا ترتكز كما يقول الكثيرون من فقهاء القانون لأي سند دستوري. عودة إلى السؤال الأول: ماذا يريد المجلس العسكري؟ أيضا تمت الإجابة سابقا ونعود فنؤكد أن المجلس يسعى إلى الحماية وضمان عدم ملاحقة أفراده قضائيا وجنائيا وسياسيا. هذا تحديدا ما يريده المجلس العسكري وكل ما يصدره من قرارات وإعلانات دستورية وتخبط وإثارة للفوضى السياسية هو من أجل الوصول إلى هذه النتيجة ولكن السؤال: هل سيصل إليها بهذه الطريقة؟ لا... لن يصل إليها أبدا لأنه يفقد التعاطف الشعبي تدريجيا (كان موجودا بدرجة ما في الأيام الأولى للثورة) ويزيد الشعب إصرارا على محاكمة أفراده ومساءلتهم، فإن نسي الشعب الفوضى السياسية فسيتذكر الفوضى الأمنية وأحداث ماسبيرو ومجلس الوزراء ومحمد محمود... وإن تغاضى عن كل ذلك فسيرفض حل البرلمان (المنتخب شعبيا) وإصراره على دعم نظام مبارك من خلال تأييده لشفيق... وإن حاول تجاوز ذلك وقال نبدأ صفحة جديدة فسيواجه بإعلانات دستورية وقوانين تفقد الرئيس صلاحياته، وقبل ذلك تفقد الشعب ثورته التي ضحى من أجلها بأرواح شهدائه ودماء جرحاه، وتفقد مصر مستقبلها الذي قامت الثورة من أجله، ولن يسمح الشعب بضياع مستقبل أبنائه على يد المجلس العسكري، بعد أن أضاع مبارك حاضره... كل ذلك يدفع الشعب إلى رفض ما يصدره المجلس العسكري ويزيده إصرارا على محاسبته، ويردد متعجبا مندهشا... "شنو هذا ؟!".
مقالات
شنو هذا؟!
22-06-2012