دعا بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي منذ عام 2009 (وقبل ذلك بين عامي 1996 و1999)، إلى إجراء انتخابات في يناير 2013، ويبدو أنه يثق بأن حزب الليكود الذي ينتمي إليه سيفوز بولاية أخرى. وفق المعطيات الراهنة، يبدو أنه محق في توقعاته. رد معظم قادة الأحزاب الأخرى على إعلانه في 9 أكتوبر وكأنهم شركاء محتملون في حكومته الائتلافية المقبلة ويبدو أنهم يريدون العمل تحت إمرته بدل التصرف كخصوم يسعون إلى أخذ مكانه.

Ad

بالنسبة إلى نتنياهو، تعني الانتخابات المبكرة (كان عهد الحكومة سينتهي في نوفمبر 2013) العودة إلى السلطة قبل أن يحتاج إلى مواجهة مهلة نهائية جديدة حددها بنفسه حديثاً لطموحات إيران النووية: صيف عام 2013. هو سيخوض حملته بصفته الزعيم الإسرائيلي الذي ركّز انتباه العالم على التهديد الإيراني، والذي سيتحرك وحده في نهاية المطاف للقضاء على ذلك التهديد.

قد تساهم انتخابات شهر يناير أيضاً في تجنب التأثير في الناخبين الإسرائيليين نتيجة تدهور العلاقات السيئة أصلاً بين نتنياهو والرئيس باراك أوباما، إذا فاز هذا الأخير بولاية ثانية. لكن إذا فاز ميت رومني، فسيستفيد الناخبون الإسرائيليون من منافع التقارب الشخصي والسياسي بين الرئيس الأميركي الجديد ورئيس الوزراء الإسرائيلي.

يتعلق السبب الرسمي الذي أعلنه نتنياهو لتبرير حل البرلمان بفشله في إقناع شركائه الراهنين في المعسكر اليميني والائتلاف الديني بدعم ميزانية تقشف جديدة يعتبرها نتنياهو ضرورية للحفاظ على صحة الاقتصاد الوطني. بعد الانتخابات، يأمل نتنياهو أن تدعم تلك الأحزاب الميزانية نفسها أو أن تفتح المجال أمام انضمام أطراف أخرى إلى الحكومة. يتمنى الشركاء الراهنون والمحتملون من جهتهم أن يحصلوا على مقاعد كافية لإضعاف زخم نتنياهو في المجال الاقتصادي.

لا يتحدث الكثيرون في أي معسكر سياسي إسرائيلي عن السلام مع الفلسطينيين ولا يتوقع الكثيرون حدوث أي تغيير في ذلك الملف الشائك. تعهد نتنياهو خلال إعلانه الانتخابات بالحفاظ على المصالح الوطنية المحورية في أي مفاوضات سلام مستقبلية. يشير هذا الموقف، من وجهة نظر ناخبيه، إلى عدم اهتمامه باستئناف المحادثات المعلّقة منذ فترة طويلة.

في غضون ذلك، يسعى خصوم حزب الليكود في حزب العمل الإسرائيلي إلى إعادة تنظيم أنفسهم بقيادة شيلي يحيموفيتش وفي حزب كاديما الوسطي بقيادة شاؤول موفاز، ولكنهم لا يزالون متأخرين في نتائج استطلاعات الرأي.

ثمة احتمال ضئيل بحصول تغيير معين (في السياسة أو في هوية رئيس الوزراء)، ويتوقف ذلك الاحتمال على زعيمين إسرائيليين وُجدا مذنبين حديثاً في المحاكم ولكنهما يحظيان بمناصرين أوفياء: إيهود أولمرت، (رئيس الوزراء السابق بين عامي 2006 و2009) الذي كان يرأس حزب كاديما، وأرييه درعي (وزير الداخلية السابق بين عامي 1993 و1998) الذي كان يقود حزب "شاس" الديني.

تمت تبرئة أولمرت في شهر يوليو من تهمة الحصول على رشوة في قضية الفساد التي أجبرته على الاستقالة من رئاسة الحكومة في عام 2008. لكنه أُدين بتهمة أقل وقعاً، وهي خيانة الثقة العامة نتيجة مشاركته في صراع المصالح. حُكم عليه بالسجن مع وقف التنفيذ. أعلن أولمرت والزعيم الفلسطيني محمود عباس أنهما كانا سيتوصلان إلى اتفاق سلام بينهما لو لم ينتهِ عهد أولمرت كرئيس وزراء.

 يظن البعض في معسكر السلام الإسرائيلي أن أولمرت قد يطرح تحدياً جدياً في وجه نتنياهو، وقد يحشد دعم مختلف الأحزاب المؤيدة للسلام، لكن يبقى هذا الاحتمال مستبعداً خلال هذه الانتخابات بسبب استمرار محاكمته في قضية ارتشاء منفصلة.

حُكم على أرييه درعي بالسجن مدة ثلاث سنوات بتهمة الارتشاء. لكن مرت عشر سنوات منذ ذلك الحين ويحق له الآن أن يترشح لتولي مناصب عليا مجدداً، فلا يزال يحظى بشعبية واسعة في حزبه السابق وهو يتمسك بموقفه الداعم للحلول السلمية في القضية الفلسطينية. خلال التسعينيات، قاد حزب "شاس" في الحكومة الائتلافية المؤيدة للسلام برئاسة إسحق رابين. بقيادة درعي، قد لا يصطف حزب "شاس" مع شركاء نتنياهو العدائيين والمتدينين. نظرياً على الأقل، قد ينضم هذا الحزب إلى معسكر السلام لمنع نتنياهو من تشكيل حكومة جديدة. في مطلق الأحوال، يبقى قرار عودة درعي بيد المرشد الروحي لحزب "شاس"، الحاخام عوفاديا يوسف، الذي لا يزال نشيطاً مع أنه يبلغ 92 عاماً.