فرض الله تعالى الصيام على العبد البالغ العاقل القادر المستطيع لما للصيام من ثواب عظيم وفوائد كثيرة. وخفف عن ذوي الأعذار فأباح لهم عدم الصيام حتى يزول العذر، ومن ضمن من خفف الله تعالى عليهم المرأة الحامل.

Ad

الحمل وظيفة طبيعية يقوم بها جسم المرأة بسهولة ويسر ما دامت تتمتع بصحة جيدة ولا تعاني أي مشاكل صحية. لذلك يرى معظم الأطباء والخبراء أن المرأة الحامل التي تتمتع بصحة جيدة يمكنها أن تصوم فالصيام لا يؤثر على صحتها أو صحة الجنين ونموه. ويجب استشارة الطبيب المختص إذا خافت الحامل أن يؤثر الصيام على صحتها أو صحة الجنين. وإذا كان الصيام يشكل أي ضرر على الحامل أو على جنينها فيجوز لها الإفطار.

عن زيد بن علي عن أبيه عن جده أنه قال: «لما أنزل الله عز وجل فريضة شهر رمضان, أتت النبي (صلعم وآله) امرأة حبلى فقالت: يا رسول الله، إني امرأة حبلى وهذا شهر رمضان وأنا أخاف على ما في بطني... فقال لهل رسول الله (صلعم وآله) «انطلقي فافطري، فإذا أطقت (استطعت) فصومي...».

وعن أنس بن مالك الكعبي رضي الله عنه قال: «قال رسول الله (صلعم وآله) إن الله تعالي وضع شطر الصلاة (أو نصف الصلاة) والصوم عن المسافر وعن المرضع أو الحبلى».

مراحل

تمر فترة الحمل كما هو معروف بثلاث مراحل:

• المرحلة الأولى: وهي فترة الثلاثة أشهر الأولى من الحمل وتسمى بمرحلة الوحم. فنتيجة التغيرات الهرمونية تعاني الحامل عوارض الوحم كالغثيان والتقيؤ والدوار والقلق والتوتر وعوارض أخرى. لذلك يستحسن عدم صيام الحامل التي تعاني بشكل واضح هذه العوارض.

• المرحلة الثانية: وهي الفترة الوسطى من الحمل وتمتد من الشهر الرابع حتى الشهر السادس، فإذا مرت من دون أي مشاكل صحية كارتفاع السكر أو هبوطه أو الضغط أو فقر الدم تستطيع الحامل الصوم. أما إذا تعرضت لأي من الأعراض السابقة فيستحسن عدم الصيام.

• المرحلة الثالثة: وهي المرحلة الأخيرة من الحمل وتمتد من الشهر السابع حتى الشهر التاسع. قد تتعرض الحامل خلالها لبعض المشاكل الصحية كفقر الدم والسكر والإرهاق أما إذا كانت تتمتع بصحة جيدة فتستطيع الصيام.

عموماً، تعتبر المرحلة الثانية أو الوسطى هي أفضل المراحل وأنسبها للصيام. لكن ذلك يختلف حسب الحامل، وثمة حوامل لا يشعرن بأي انزعاج بأي فترة من فترات الحمل، بالتالي يستطعن الصيام كالأشخاص العاديين.

يؤكد الأطباء أن مدة الصيام لا تؤثر سلباً بأي شكل من الأشكال على صحة الأم أو الجنين في الحمل الطبيعي. لذا فإن الحامل يمكن أن تصوم خلال شهر رمضان ما دامت تشعر بقدرتها على ذلك. فالصوم للمرأة الحامل مثله مثل الصوم للشخص العادي فيه راحة وفوائد للنفس والجسد، خصوصاً إذا اتبعت الحامل بعض القواعد الأساسية وبعض الأنظمة الغذائية التي تساعدها على الصوم الآمن مع عدم حدوث متاعب صحية لها أو لجنينها. عموماً، غذاء الحامل في شهر رمضان لا يختلف كثيراً عن غذائها في غير رمضان سوى اختلاف التوقيت.

نصائح

• يجب أن يحتوي غذاء الحامل على العناصر الغذائية الرئيسة بكميات متوازنة وأهم العناصر الغذائية هي البروتينات بأنواعها والأملاح المعدنية والفيتامينات والكربوهيدرات وقليل من السكر والدهون والكثير من الماء والعصائر الطازجة.

• تُنصح الحامل بعدم تناول وجبات كبيرة في الإفطار والسحور لتجنب الشعور بامتلاء المعدة وعسر الهضم، وتقسيم الوجبات الى ثلاث أو أربع بدلا من وجبتين.

• يجب على الحامل في المرحلة الأولى من الحمل أن تحرص على توافر جميع العناصر الغذائية الأساسية مع الاهتمام بتناول فوليك أسيد لمنع التشوهات في الجنين والفيتامينات المكملة للحماية من الأنيميا.

• في المرحلة الثانية من الحمل تنصح الحامل بالإضافة إلى العناصر الغذائية الأساسية الاهتمام بزيادة الكالسيوم الموجود في الحليب ومنتجاته كالزبادي والأجبان المختلفة واللبنة والقيمر

(خالية أو قليلة الدسم) أو تناول أقراص الكالسيوم حسب رأي الطبيب المختص. كذلك يجب الاهتمام بالحديد بتناول الأطعمة الغنية به كاللحوم باختلاف أنواعها والبقوليات والبيض والخضروات ذات اللون الأخضر، وتناول أقراص الحديد.

• في المرحلة الأخيرة من الحمل تنصح الحامل بزيادة الأغذية ذات السعرات الحرارية العالية والألبان ومنتجاتها والعصائر.

• يجب بدء الإفطار بتناول التمر أو الرطب لاحتوائها على سكريات بسيطة سهلة الامتصاص مع شرب عصير طازج أو حليب خالي الدسم أو لبن خالي الدسم أو حساء دافئ لتنبيه المعدة، وتُستحب الصلاة قبل تناول باقي الإفطار.

• الاهتمام بتناول الخضروات الطازجة والمطبوخة والفواكه المختلفة لأنها أغذية أساسية ومصدر رئيس للأملاح المعدنية والفيتامينات وتجنب من حدوث الإمساك.

• الاهتمام بتناول كميات كافية من البروتين ويفضل من مصادر حيوانية كاللحم الأحمر والدواجن ومنتجات الألبان لضمان احتوائها على جميع الأحماض الأمينية الأساسية ولسرعة امتصاص الجسم لها.

• تنصح الحامل بشرب الحليب أو اللبن مع كل الوجبات لتوفير عنصر الكالسيوم اللازم لبناء العظام.

• يجب على الحامل الإكثار من شرب الماء والسوائل بين الوجبات وزيادة الفيتامين C الموجود في عصير الفواكه الحمضية مثل الليمون والبرتقال. فشرب الماء والسوائل يحافظ على نسبة الماء في الجسم ويحميه من الجفاف. كذلك يساعد على نظافة الجهاز البولي وتنقيته من الترسبات المسببة للحصى.

• يجب زيادة معدن المغنسيوم الموجود في الحبوب الكاملة والبقول والتمور واللحوم والحليب ومنتجاته والخضروات الورقية، لأن نقصه يؤدي إلى الشعور بالإرهاق والوهن وتشنج العضلات. وهذه الأطعمة غنية أيضاً بحمض الفوليك الضروري لنمو الجنين والوقاية من التشوهات الخلقية.

• على الحامل أن تحصل على فترة راحة خلال النهار كي لا تصاب بالإرهاق.

- على الحامل ممارسة رياضة المشي بصورة منتظمة لتقوية العضلات والحفاظ على ليونة الجسم.

- وجبة السحور ضرورية للحامل ويفضل تأخيرها قدر الإمكان، ويجب أن تحتوي على النشويات ومنتجات الألبان والفواكه والخضروات الطازجة والمجففة، لا سيما البلح.

- يجب أن تقلل الحامل قدر الإمكان من تناول الأطعمة الدسمة مثل المقليات والحلويات كي لا تصاب بعسر هضم وحموضة وزيادة وزن.

- الابتعاد عن المخللات والبهارات والفلفل التي تزيد من إفراز العصارة الحمضية في المعدة.

- تجنب الإسراف في شرب الشاي أو القهوة أو المشروبات الغازية أو العصائر المسكرة.

- شهر رمضان ليس الفترة المناسبة لإتباع أي حمية غذائية لإنقاص وزن الحامل، لكن ينبغي تجنب الزيادة غير الطبيعية في الوزن.

رخصة الإفطار

على رغم فوائد الصيام المتعددة للحامل إلى أن الأطباء يجمعون على ضرورة استخدامها رخصة الإفطار في بعض الحالات المرضية التي يؤدي الصيام فيها إلى ضرر يصيب الحامل أو جنينها.

حالات مرضية توجب على الحامل استخدام رخصة الإفطار:

• المصابات بقصور بوظائف الكبد أو التهاب كبدي مزمن أو حاد.

• المريضات بداء السكري المعتمدات على الأنسولين لإمكان تعرضهن لهبوط حاد بالسكر أو ظهور الأسيتون في الدم خلال فترة الصيام.

• المصابات بالدرن الرئوي أو التهاب مزمن في الرئة لحاجتهن الى استخدام بخاخات الاستنشاق.

• التهاب الكليتين والمسالك البولية للحاجة إلى شرب كميات كبيرة من الماء.

• الحامل بتوأم أو أكثر.

• المصابات بحالات تسمم الحمل بأنواعها كافة.

• عند شعور الحامل بصداع شديد أو زغللة في العين أو هبوط مع إجهاد عام وعدم القدرة على القيام بأي نشاط.

• الحامل التي سبقت لها الإصابة بجلطات في الأوعية الدموية أو المصابة بها.

• الحامل التي تستخدم صمامات صناعية في القلب يفضل عدم صيامها كي تحافظ على سريان الدورة الدموية إلا إذا نصح الطبيب المختص بعكس ذلك.

• حالات أمراض القلب المصاحبة للحمل مثل هبوط القلب للحاجة إلى العلاج بالفم.