عُرِف عن الشعب العراقي، رغم كثرة مآسيه، سخريته من الأحداث التي تدور حوله، وفي إحدى النكات العراقية التي تصور الوضع الطائفي المحتقن والنظرة العنصرية المنتشرة في العراق يقول أحد العراقيين متذمراً: "تلبس دشداشة يقتلك الأكراد، تلبس لباساً كردياً يقتلك العرب، تلبس عمامة يقتلك السنّة، تلبس شماغاً أحمر يقتلك الشيعة، تلبس بنطلوناً يقتلك الإرهابيون، لا تلبس شيئاً يقتلك البرد!".
بعد نشر المقالات في "الجريدة" يقوم بعض الإخوة مشكورين بالتعليق على هذه المقالات إما سلباً أو إيجاباً، وهذا حق مكفول لهم بالطبع لا ننازعهم فيه، وأيضاً نطبق هذا على التغريدات التي تُنشَر في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، ولا يختلف أحد على أن التعليقات على صلب الموضوع هي من صميم الديمقراطية التي تكفل الرأي والرأي الآخر، لكن المشكلة إذا كانت التعليقات تبنى على أساس اسم العائلة، فعلى أساسه يتحدد نوع الرد وكيفيته. فإن انتقدنا الجويهل وشخير، كما حدث في المقال الماضي، لا نرى استنكاراً أو استحساناً أو تحليلاً لما بدر منهما، بل نرى أن الهجوم يكون لماذا لم تنتقد عبدالحميد دشتي؟!وإن تم انتقاد أحد النواب أبناء القبائل يتم الاتهام مباشرة بالعنصرية بغض النظر عن موضوع الانتقاد وأحقيته.هذا الموضوع لا يقتصر على الشأن الداخلي بل يمتد إلى الشأن الخارجي، فانتقادك النظام في سورية يلزمك أن تنتقد النظام البحريني بنفس التغريدة وبحدود 140 حرفاً، وإلا كنت موالياً لنظام دون الآخر... وهنا لا أنكر وجوب أن يكون الإنسان منسجماً مع المبدأ لا المذهب في مواقفه.لكن التقييم على أساس الاسم الأخير أصبح سمة تلازمنا ونحدد عليه مواقفنا حتى في الإساءات التي حصلت في الآونة الأخيرة للمذاهب الإسلامية وما صاحبها من اشتعال الكويت ومن عليها، لننظر إلى نواب الأمة وممثليها في كل من الحالتين، ومن وقف على مسافة واحدة من الحادثتين ومن لم يكن كذلك.إخواني الطائفيين والعنصريين والطبقيين والفئويين... لقد قتلنا "البرد" كما قتل العراقي عندما لم يرتدِ شيئاً، فنحن رفضنا ارتداء عباءة المذهب أو رداء التطرف أو عمامة الفئة والمنطقة والأصل، وفضلنا أن نموت من البرد برفضنا كل هذه الأزياء التي لن تزيدنا إلا قبحاً، فهي لم تستطع تجميل عنصريتكم التي تنطلق رائحتها كلما فتحتم أفواهكم في موقف من مواقفكم المخزية... فارحمونا يرحمكم الله.
مقالات
نكتة عراقية وواقعنا الكويتي
19-05-2012