الأغلبية الصامتة: كتلة كان
كتلة الأغلبية النيابية واختصارها "كان" هي وجمهورها لا يتابعون ما يكتب لهم ولا يريدون الاستماع إلى غير صوتهم، فهم دوماً أصحاب الحق والحقيقة ورموز العزة والفضيلة.عندما وقع ما لم يكن متوقعاً ومن جهة لم تكن بالحسبان، وهي المحكمة الدستورية التي أبطلت انتخابات فبراير 2012، وفي توقيت قاتل كانت كتلة "كان" غارقة في كل شيء إلا تنفيذ الوعود والشعارات التي رفعها أعضاؤها في الانتخابات، قلنا ما نعتقد أنه الصواب في ضرورة الامتثال لحكم المحكمة الدستورية واستعمال ما لا يعرفه عدد كبير من نواب الأغلبية، وهو "الرشد" للتعامل مع الحدث الكبير للخروج بأقل الخسائر لهم، والوضع العام الذي لم يعد يحتمل أزمات جديدة.
"الكانيووون" وهم جمهور كتلة "كان" لا يفهمون أن أي كلام لا يطابق مفردات بيانات الكتلة سوى أنه موجه ضدهم، وقائله ينتمي إلى "الفلول" حتى لو أتى من خيرة الشباب المخلصين الذين قادوا الحراك الشعبي ضد الفساد والمفسدين. وبفضل "اليوتيوب" وقصر الفترة الزمنية منذ 2009 وحتى الأمس القريب حفلت تلك المرحلة الزمنية بعشرات الأمثلة على تناقضاتهم، فهم أطلقوا أوصافاً كـ"المطراش" و"الانبطاحي" في لحظة، و"الحر" و"الإصلاحي" في لحظة أخرى، بمعنى نحن نتعامل مع نمط تفكير هش مرتبط برأي شخص أو أشخاص عدة يصدرون "ألقاب اللحظة" على جمهور تابع يتلقف تلك الألقاب والأحكام، ويعيد توزيعها وتلحينها لفترة من الزمن، ثم ينقلبون إلى الحالة العكسية بنفس الحماس، ولكم في حالة النائب روضان الروضان خير مثال.اليوم "كان" و"الكانيووون" في ورطة ليس مثلها ورطة، فلا خصم واضحاً ينزلون إلى الساحات ضده- حتى قنوات الريس غادرت المشهد بالكامل ولم يعد هناك من يضرب نواب "كان"- ولا قضية تصلح لجذب الناس حولهم، فلم تعد لديهم القدرة على "لمّ" مشاريع نوابهم في "كرتونة" الكتلة لأن الانتخابات شيء والكرتونة شيء آخر، هم اليوم عاجزون عن إقناع شباب الحراك للسير معهم من جديد لأنهم ببساطة "باعوهم" بعد إعلان النتائج، واستبدلوا قانون الذمة المالية بدعم الجيش السوري الحر، وقانون إنشاء هيئة مكافحة الفساد بتعديل المادة (79) من الدستور، وانشغلوا في سباق التتابع أمام مكتب الأمين العام علام الكندري من يقدم الاستجواب قبل الثاني.لقد ضيّقت كتلة "كان" مساحة العمل السياسي على نفسها بعد أن سلمت أمرها للمتطرفين الدينيين، ولمن لا يعاني أي صعوبات في العودة إلى مقعده النيابي بأي وضع كان، حتى خنقت نفسها وهذا الأمر لم يبدأ من اليوم، ولكنه بدأ منذ أن اختاروا طريق "تطويع وتخضيع" الجميع تحت رايتهم، ومن رفض هذا الأسلوب مثل كتلة العمل الوطني، عملوا ضدها في الانتخابات وكأنها الشيطان الرجيم بعد أن كان أعضاؤها أحراراً و"شياهين".إن السلطة مطالبة اليوم بالإبقاء على النظام الانتخابي الحالي حتى لا تعطي كتلة "كان" ورقة ثمينة تستخدمها لإشعال الساحة من جديد في قضية لن تكون جبهة الرفض فيها مقتصرة على تلك الكتلة، ولكن هناك قوى وأطراف كثيرة لا تريد العبث بالنظام الانتخابي تحت أي ظرف، ومن يعتقد من مستشاري "الخيبة" أن الدوائر ستذهب بنا في طريق غير تكوين جبهات معارضة ومناضلين جدد فهو مخطئ.