قبل أسابيع دار بيني وبين مغردين نقاشات عامة شبه يومية، لكن هناك نقاشاً أدى إلى توصيفي بأوصاف طائفية مريرة، وهذا انعكاس لثقافة الشارع التي أبرزها «التويتر» ليوضح لنا حقيقة عقول الناس وتفكيرهم بشكل صريح دون أي رتوش.

Ad

عندما تكلمت عن بعض الشخصيات الحقوقية في البحرين التي اختلف معها في بعض الآراء لكني أحترمها، ولأنني قلت إنني أحترمها! قيل لي إنك متشدد شيعي مع العلم بأنني سنّي!

وخلال اليوم نفسه امتدحت أخلاق أحد السلفيين الجهاديين، وعندما أثنيت على أخلاقه لأنني عرفته في موقف معين، ومجرد ذكري لأخلاقه الحميدة، قيلت لي أوصاف ومفردات تكفيرية وعنيفة أصبحت بكل أسف منتشرة في المجتمع وبشكل كبير جداً، حتى بين المراهقين وصغار السن، وبما أننا في الكويت... فقد أصبح الجميع يتكلم في السياسة والدين والاقتصاد والرياضة وكل شيء!

واستغرب كيف لنا كمجتمع كسرنا حاجز المليون مواطن منذ فترة قليلة ونعيش هذا التشتت والفرقة! بينما اتحد الشعب المصري الذي يفوق تعداده الـ80 مليون نسمة وواجه الظلم والقهر والطغيان، واتحد بطوائفه وأديانه، فالملايين من هذا الشعب الكريم ينتمون إلى أصول مختلفة وعرقيات مختلفة، لكن مع ذلك توحد الشعب المصري، المسلم والقبطي والصعيدي والسكندري والسيناوي والنوبي، توحدوا وهم عشرات الملايين من أجل تحقيق طموح الجميع بالاستقرار والتطور والحرية والكرامة، فقد وحدتهم ثورة «ميدان التحرير» وحررتهم من الدكتاتورية وهم شعوب وقبائل.

ويتحد السوريون من عرب وكرد وأصول مختلفة ومناطق بعيدة، يتحدون ويقفون صفاً واحداً ضد القتل والسجن والظلم، وقف الحلبي مع الدرعاوي والقامشلي مع أهل بانياس وإدلب والشام.

نعم، الشعوب تتوحد تحت راية الوطن وتحت راية الحرية والكرامة، توحدت الشعوب وهي عشرات الملايين من أجل الكرامة والحرية وهم يعلمون لولا توحدهم لضاعت كرامتهم وحريتهم، بينما نحن نتمتع بالحرية والكرامة ولا نحمد الله ولا نشكره.

وبكل أسف، وصلنا إلى مرحلة خطيرة جداً، من يعلق على أي حدث في البحرين أو سورية أصبحت نظرات الطائفية تتجه إليه. فالكويت بكل ما فيها من مواطنين ووافدين لا تتجاوز الأربعة ملايين نسمة وبها هذا الغليان.

المواطنون لا يتجاوزون المليون وربع المليون نسمة وكأنهم جميعا ينتظرون إشعال نار الفتنة، لن أنادي بالحكماء والعقلاء، لأنهم غائبون عن الساحة السياسية والاجتماعية الآن، يخرج لنا نواب يهينون أنفسهم وطوائفهم على التلفاز وبمناظرات سخيفة لا فائدة مرجوة منها، ولا محصلة سوى تعميق جراح الوطن. والأغرب أن بعض النواب مكشوفون طائفياً وكلنا يعلم أنهم لن ينجحوا لو لم يكونوا طائفيين.

على الشارع الكويتي ان يعي أن النواب والنشطاء لديهم استعداد بأن يحرقوا الأرض من أجل بقائهم واستمرارهم في مناصبهم، وكذلك بالتأكيد تلك الحكومة الفاشلة، التي سمحت بالطائفية، أن تزدهر وتنمو وتكبر وتصبح قنبلة جاهزة للانفجار. أتدرون إلى أي حد وصلت الطائفية؛ أخي وصديقي خالد المالكي ابنه الأكبر في السادسة من العمر وصديقه في الصف الثاني بالروضة يسأله أنت شيعي أم سنّي؟!

إنه حقاً جرس إنذار وإشارة بالغة الخطورة... فبعدما كنا لا نميز بين السنّي والشيعي إلا عند الزواج! أصبح الأطفال يسألون عنها الآن!