منظور آخر: الرجل غير المناسب في المكان غير المناسب!
كل مشاكلنا تبدأ حين نضع الشخص غير المناسب في المكان المناسب لغيره، فنحن بهذا نظلم مؤسسة كاملة ستعاني تدهوراً في المستوى الوظيفي، ناهيك عن انتقال«الواسطة» من مجال عمله الأصلي إلى العمل الجديد الذي انتقل إليه، ولكن الجشع المادي والمكانة الاجتماعية اللذين يلازمان ذلك الكرسي وتلك المؤسسة يجعلانه يتخلى عن طموحه ومبادئه.
الفساد الإداري بذرة تكبر، وبعدها يتفشى هذا الوباء، لينتشر في البلد على جميع الصعد، إذ تبدأ القصة على سبيل المثال حين تضع رجلاً عسكرياً في جهة إعلامية، فمهما كان إنساناً جيداً فإنه سيتخبط في هذا المجال لأنه لا يتناسب مع اهتماماته الفعلية أو حتى مجال دراسته، فتجده يتخبط بالقرارات إلى أن يتدهور العمل في هذه المؤسسة.نفس الوضع ينطبق حين نجعل مهندساً معمارياً يعمل في قسم إداري بحت، فتجده مخنوقاً ما بين أوراق ومهام إدارية لا يحبها ولا يفقه فيها شيئاً، ولكنه لا يريد أن يضيع منصباً قد يدر عليه أموالاً.وحين تضع الأكاديمي في مجال التسويق فلن يجيد عمله، بل على العكس سيقوم بممارسات غير مدروسة لأن هذا المجال لا يصلح له.كل مشاكلنا تبدأ حين نضع الشخص غير المناسب في المكان المناسب لغيره، فنحن بهذا نظلم مؤسسة كاملة ستعاني تدهوراً في المستوى الوظيفي، ناهيك عن انتقال "الواسطة" من مجال عمله الأصلي إلى مجال العمل الجديد الذي انتقل إليه، ولكن الجشع المادي والمكانة الاجتماعية اللذين يلازمان ذلك الكرسي وتلك المؤسسة يجعلان الشخص يتخلى عن طموحه ومبادئه رغبة منه في الحصول على مآرب شخصية وليس خدمة الوطن. الوطن يتم انتهاكه يومياً وبشتى الطرق، لكن الانتهاك الأول يبدأ لحظة تثبيط الخريج الجديد ووضعه في أي وزارة لا تناسبه فقط لأن "واسطته" غير قوية، أو لأنه لا يعرف نائباً "يمون عليه".الانتهاك الثاني يبدأ حين يقوم هذا المحبط بالاستمرار في مجال لا يحبه، وحين يصل إلى أي منصب يضطهد من تحته، ويشعر أن مستقبله سُرق بالمكان الخطأ، وحان وقت الانتقام من خريج جديد.ومقولة "أحب ما تعمل" قد لا تصيب دوماً، فالأصح بالنسبة إلي على الأقل "اعمل ما تحب"، ولا تجبر نفسك على حب شيء لا هو طموحك ولا اهتمامك، ولا هو ضمن محيط ما تجيده فعلاً، وأنت يا من قبلت بمنصب تعلم مسبقاً أنك لا تستحقه أقول لك لا تفرح كثيرا لأنها "لو دامت لغيرك ما اتصلت إليك"!قفلة:الإعلامي هو الشخص الوحيد الذي لا يتطلب عمله "طقة كرت" أو بصمة، واللحظة التي تتعامل فيها معه على أنه موظف وزاري تجعلك تخسر إعلاميا حقيقيا كان من الممكن أن يأتي لك بسبق صحافي مهم ولكن خارج ساعات العمل المحددة.