القذافي وجهابذة الشدادية
يا رباه... وعلى طريقة المعلق الشهير فارس عوض وبأسلوبه المشوق يا رباه يا الشدادية، لن نتكلم عن أن المدينة تم الحديث عنها في الثمانينيات من القرن الماضي وحُدد موقعها منذ ذلك الوقت ولم تنته إلى الآن، ولن نتحدث عن ما هي الخطط الموضوعة لمكافحة زحمة ذهاب 40 ألف طالب وطالبة على طريقي الدائري الخامس والدائري السادس غالباً، دون ذكر مباني «التطبيقي» القريبة أو «الأفنيوز» أو حتى «ستاد جابر» في حال وجود مباراة جماهيرية تضطر الجماهير معها إلى الذهاب مبكراً من انتصاف النهار، بل سنتحدث بداية عن أن مرسوم قانون جامعة الشدادية صدر في عام 2004 على أن تنتهي الجامعة خلال 10 سنوات، وهذا يعني أن انتهاء الجامعة كاملة أمر مستحيل من الناحية العملية، وسيعني أيضاً أن هناك انتهاكاً لمرسوم تم التصويت عليه في مجلس الأمة، وإلى الآن لا نعرف ولن نعرف من نحاسب على اختراق القانون عندما يأتي عام 2014؟ الأدهى والأمر أن عدد طلبة الجامعة الآن فاق الـ30 ألف طالب وطالبة بالكليات المختلفة، مما يعني أن عددهم سيفوق الـ40 ألفاً بكثير مع انتهاء الشدادية، وهذا الرقم هو السعة الكلية لهذا الصرح الأكاديمي، فأين الحل الجذري لمشكلة نسب القبول خصوصاً مع عدم تأكيد استمرار استغلال المباني الحالية كجامعة حكومية ثانية؟
خرجت علينا الصحف برقم خيالي قدره 143 مليوناً لبناء كليتين هما «العلوم الإدارية» و»كلية البنات» الجامعيتان، ولا علم لي بتكاليف الهندسة، لكن بسؤال أصدقاء مهندسين أكدوا فلكية هذا الرقم، ومن المضحك أيضاً أن «كلية البنات» ستصبح كلية للطلاب والطالبات، أي أن تخصصاتها التي تعود إلى كليات عدة لن تعاد إلى كلياتها الأصلية، بل ستظل في هذه الكلية، وسيتمكن الطلبة من أخذ هذه المواد التي كانت حكراً على الطالبات سنوات عديدة، رغم عدم اختيار مسمى للكلية إلى الآن... أي أن شباب الغد طلبة في «كلية البنات» حتى الآن.نفس الصحف التي خرجت علينا أكدت أن سعة مبنى «كلية العلوم الإدارية» الجديد في الشدادية سيكون 4000 طالب، رغم أن طلبة الكلية منذ سنتين قد تجاوزوا الـ3000 طالب... فما الذي يحدث؟ وطبعاً لا نستطيع أن نتحدث عن جامعة الشدادية دون أن تذكر القانون الفاشل والمعيب والمخزي، وهو قانون منع الاختلاط، الذي لو كانت منه فائدة لطبقته هارفارد وأكسفورد وكامبريدج قبل أن يفكر فيه جهابذة مجلس 1996 وعظماء المجالس المتعاقبة، حيث لم يفعل شيئاً سوى زيادة الأعباء المالية، والمساوئ الاجتماعية وتقليل الشعب الدراسية والراحة الطلابية، وكفاءة المخرجات الجامعية بتعاملها مع الجنس الآخر... حقيقة إن هذا الموضوع ضخم جداً ومتشعب ولن تكفي مقالة واحدة لسرده وتفصيله، لكن هذه الأمور تبين لنا كيف أن القذافي لم يمت... وربما يكون هو نفسه المسؤول عن هذه السياسات الغريبة.