السب والشتيمة وإلقاء التهم جزافاً على الناس دون دليل وقبل التثبت أصبحت ثقافة مقبولة بين الناس، وخاصة بعد الانتشار الرهيب لمستخدمي الـ"فيس بوك" والـ"تويتر"، وأصبح تجاوز خطوط الشرف والالتزام الخلقي ضرباً من الشجاعة المحمودة، وطريقاً إلى الشهرة وكثرة المتابعين، ووسيلة جذابة لكسب التأييد والتشجيع، فكلما زاد صاحب الحساب في تجاوزه على الناس زاد متابعوه واشتهر اسمه بينهم. وهذه ظاهرة خطيرة لا يجوز السكوت عليها ولا التساهل معها، وقد بدأت بالجرأة على أعراض السياسيين والرياضيين والمشهورين من الناس، إلى أن وصلت إلى أعراض الصحابة وأزواج النبي المطهرات، حتى بلغ الإجرام مداه فتعرض بعضهم لذات الرسول صلى الله عليه وسلم. وكل باب مفتوح يشجع على الولوج، فلم يبقَ محظور، ولم يسلم عرض، ولم تردع عقوبة، وكلما أمسكت الشرطة بأحد المتجاوزين أسرع إليه بعض السياسيين والإعلاميين وأطلقوا الدعوات للإفراج عنه بدعوى حرية الرأي وحقوق الإنسان، وغيرها من الشعارات التي أساءوا استخدامها حتى أصبحت درعاً واقية لكل من تسول له نفسه هدم القيم والمبادئ، التي قامت عليها الدولة وعاشت بها طوال تاريخها. إن التقاعس عن معالجة هذه القضية سيجر البلد لا محالة إلى طريق الفتنة والانشقاق، والتدابر والتباغض، واختلاف الكلمة، ولعل بوادر هذا الخطر بدأت تلوح في شكل الاصطفافات الطائفية والخطابات المتطرفة التي بدأنا نسمعها ونشاهدها ونقرأها، حتى وصلت إلى قاعة عبدالله السالم، فلا بارك الله في الفتنة ولا بارك الله فيمَن سعى إليها وأذكى نارها، وعلى الحكومة أن تواجه كل مَن تجاوز الحد بكل حزم وشدة، فإن هذه الاختراقات عبارة عن أورام في جسم الدولة، ولا ينفع معها غير البتر، وإن أي تهاون معها سيزيد انتشارها حتى ينهار جسم الدولة وتفرط حبات السبحة، ويصبح كل علاج بعد ذلك غير مجد وبلا فائدة. اللافت للنظر أن عدوى السب والشتيمة وتوزيع الاتهامات بلا دليل ولا برهان وصلت إلى بعض الدعاة، فاسودت صفحات حساباتهم في "تويتر" بمثل هذه القاذورات، والفلتات التي أرجو أن تكون استثناءً وأن يعود أصحابها إلى السيرة النقية في التحري والتدقيق واختيار الألفاظ اللائقة بصفاتهم التي يعرفهم الناس بها، لتبقى صورتهم في نفوس الناس صافية لا تكدرها شتيمة ولا يعكرها سباب.
Ad