«بابا مصر ليس زعيماً سياسياً وعلاقته بالكنيسة أبوية... والأمن فرض الإقامة الجبرية على شنودة»

Ad

أكد المفكر القبطي ومؤسس التيار العلماني في الكنيسة الأرثوذوكسية كمال زاخر أن الزج باسم الكنيسة واتهامها بالحشد ضد الشريعة والرئيس المصري محمد مرسي إفلاس يكشف تعثر تيار الإسلام السياسي الذي حاول استخدام سلاح الفتنة الطائفية للتغطية على ما يحدث في الشارع من رفض لسياسات الإخوان وقرارات الرئيس، وأوضح في حواره مع «الجريدة» أنه «كان مُتوقعاً لجوء الإسلاميين لهذا السلاح البائد الذي فقد تأثيره في الشارع».

● كيف تقرأ اتهام التيار الإسلامي للكنيسة بمحاصرة القصر الرئاسي والحشد للتصويت على الدستور بـ«لا»؟

هذا إفلاس سياسي من التيارات الإسلامية التي فقدت شعبيتها في الشارع، وتريد شغل الرأي العام بالطائفية، على غرار ما كان يفعله النظام السابق عندما يريد إلهاء الشعب عن أوضاعه السيئة، وبخاصة أن جميع التيارات المدنية أعلنت رفضها الإعلان الدستوري والدستور، ودعت للتظاهر والاعتصام أمام قصر الرئاسة، ومشاركة الأقباط في هذه المسيرات والاعتصام حق مكفول لأنهم مواطنون مصريون، فقد انتهى زمن التعامل معهم على أنهم أقباط لا صوت لهم ولا حقوق.

 ● ولماذا تجاهل البابا الرد على هذه الاتهامات؟

هذه الاتهامات كان الهدف من ورائها جر البلاد إلى اشتباكات وحرب طائفية، ولكن تجاهل البابا لها أحبط هذا المخطط، وحتى الشارع المصري رفض هذه الاتهامات واعتبرها إسفافا مضحكا.

● البابا وعد من قبل بأن يبتعد عن السياسة، فهل تتوقع ذلك؟

البابا تواضروس الثاني على الابتعاد عن السياسة يبدو واضحاً، وبخاصة أن الأقباط خرجوا من عباءة الاحتماء بالكنيسة، عكس ما حدث في عهد البابا شنودة، حيث رفعت الدولة الحماية عنهم واختزلت الأقباط في شخص البابا واختزل الأقباط الدولة في الكنيسة.

● هل سيتغير وضع الكنيسة وعلاقتها بالمجتمع والدولة في ظل التغيير السياسي والبابا الجديد؟

بالطبع سيتغير، لأن وجود قيادة جديدة في حد ذاته تجديد للدماء والروح، والبابا شنودة كانت له ميول ثورية ومشاركة سياسية قبل الانخراط في العمل الكنسي، وكان الرئيس السادات يضغط حتى تكون الكنيسة بمعزل عن المجتمع والسياسة، والوضع الآن مختلف مع البابا تواضروس، فهو يتبنى مواقف وطنية، من حيث دعوة الأقباط للانخراط في المجتمع والمشاركة في التغيير، لكن من دون توجيه من القيادات الكنسية.

كما أن البابا شنودة اعتمد في علاقته مع الدولة على سياسة الاعتكاف في الدير، وكان ذلك أسلوباً للضغط بصورة غير مباشرة وسلمية، أما البابا تواضروس فأتوقع أن تقتصر سياسته على رفض الانخراط في العمل السياسي مهما كانت الضغوط، تاركاً للأقباط الحديث عن أنفسهم ومشاكلهم كمواطنين.

● هل تعتقد أن البابا تواضروس قادر على منافسة شعبية البابا شنودة؟

أرفض كلمة شعبية لأنه ليس زعيماً سياسياً يبتغي اكتساب مريدين ومؤيدين، ولأن علاقة البابا بالكنيسة هي علاقة أبوية، لا تتأثر بما يسمى بـ»الشعبية»، فهل لو فقد البابا شعبيته سيكون الشعب قادراً على فصله من منصبه! والبابا تواضروس عاش بعيداً عن دائرة الضوء والإعلام عكس أساقفة كُثر، كما أنه لم يكن من الأسماء المرجحة بقوة لخلافة البابا شنودة، وهو ما جعله أكثر تميزاً ولفتاً للأنظار بوصوله إلى الكرسي البابوي بوداعته ودموعه، ويختلف أيضاً في أنه لم تكن له أهواء سياسية مثل البابا شنودة الذي عمل صحافياً وهوي العمل السياسي، قبل دخوله الرهبنة، وكان له العديد من المواقف الثورية المعروفة.

● كيف ترى علاقة التيار العلماني بالكنيسة؟

عقب مراسم جلوس البابا تواضروس الثاني قدم التيار العلماني في الكنيسة ملفاً يحتوي على أبرز مشاكل الأقباط، والحلول المقترحة لها، على أن تناقشها الكنيسة، وهو ما لاقى ترحيباً من البابا، وبعد فترة وأثناء عزاء المفكر الراحل ميلاد حنا، وجدت البابا يخبرني أنه قرأ الملف ويجد به حلولاً معقولة لمشكلات كثيرة، ويريد مناقشتها مع التيار العلماني، وهو ما أثار انبهاري بتذكر البابا تواضروس الثاني للملف، والحديث عن عدد من النقاط فيه، وهذا أمر مطمئن لمستقبل العلاقة بين التيار العلماني والكنيسة.

● هل تتوقع زيارة البابا الجديد لأقاليم مصر؟

يجب توضيح أسباب عدم زيارة البابا شنودة الثالث للأقاليم والمحافظات منذ فترة طويلة، وهي أن الأمن فرض عليه الإقامة الجبرية غير المعلنة بمعنى أنه لم يتحرك إلا بموافقة الأجهزة الأمنية التي كانت دائماً تخبره أن حياته في خطر وأنهم غير قادرين على تأمينه، نظراً لمكانته واحتمال تكدس الأقباط حوله بصورة تعرقل حمايته، والأفضل أن يظل في العاصمة، وأظن أن هذه الإجراءات سببها وضع البابا كرئيس موازٍ لمجتمع الأقباط، وما تناله تحركاته من تغطية إعلامية عالمية ومحلية تنافس شعبية رئيس الجمهورية، ولهذا السبب كان الأمن يتحجج بالعجز عن تأمينه، وبالنسبة للبابا تواضروس أعتقد أنه سيسعى إلى هذه الزيارات.