هل مجلس الأمة سلطة تشريعية؟ هكذا يقال، وأيضا سلطة رقابية؟ هكذا يفترض أن يكون، ومجلس الوزراء بالمقابل سلطة تنفيذية؟ من الممكن أن يكون كذلك، انطلاقا من أنه هو الذي يقوم بالسهر أو النوم، لا فرق، على رعاية مصالح المواطنين، وتنفيذ ما يفترض أن يضمن للناس حياة رغدة آمنة مستقرة، باستثناء البدون، بالطبع، فليس لهم إلا الضرب، ولكن لذلك حديثاً آخر. الإشكالية هنا هي أن مجلسينا، أمةً ووزراء، متداخلان، وسلطتان واحدة في بطن الأخرى. فالسادة الوزراء وهم في مجملهم غير منتخبين، يصبحون نواباً يمثلون الشعب قسراً، هم وزملاؤهم النواب المنتخبون. الوزراء، أعانهم الله، لا يصوتون على طرح الثقة، لضمان الاستقلالية، ولا يشاركون في لجان مجلس الأمة، لضمان الاستقلالية، ووهم الفصل بين السلطات، والتي تحولت كما يبدو من سلطات (بضم السين) إلى سلطات (بفتحها). السُّلطات أو السَّلطات، لا فرق، ما زالت تمارس ذات اللعبة البليدة، قد تكون مفيدة بعض الشيء، ربما فقط لإيقاف التدهور، وليس بالضرورة لأمن الوطن واستقراره. العلاقة بين السلطتين ما زالت حتى يومنا هذا علاقة مهزوزة، لا شخصية لها، وهي غير مجدية، إنتاجيتها مشكوك في فعاليتها وكفاءتها. أما إذا أردنا استقراراً وتقدماً لمجتمعنا، فلابد لنا أن نبذل جهداً كبيراً لتحسينها، ولربما يبدو ذلك أكثر اتضاحاً في حالة التوهان التي يمارسها النواب وزملاؤهم الوزراء في الاستعجال والحماس العلني المبالغ فيه لإصدار التشريعات بموضوعاتها المختلفة، ولكن حالما يصدر القانون، يتلاشى الاهتمام بتنفيذها. وبالتالي تصبح المسألة مكررة، غير مجدية، فيها الكثير من التمثيل والادعاء، وجر الساقية والدوران حولها، فلا ينتج عنهما إلا الطين، فلا ماء، ولا هم يحزنون. لتصبح حفلة زار قد يكسب فيها نواب أو وزراء أو حكم، ويخسر فيها الوطن ولا حول ولا قوة إلا بالله.
Ad