"إهداء غير تقليدي... إلى أسرى غير تقليديين"

Ad

إلى يوسف ثنيان المشاري ورفاقه

"عندما افترقنا وكان ذلك في منطقة النزهة في مساء يوم سبت باهت... كان افتراقاً قسرياً، فأصبحتم أسرى ونظل نحن بانتظار اللقاء، وعندما أسرت كنت أظن أن موعد اللقاء بيننا قد اقترب، وأننا سنلتقي وراء القضبان، لكن ها نحن نعود مرة أخرى إلى أرض الوطن، وأنتم مازلتم هناك. منذ ذلك الحين أخذنا على أنفسنا ألا نتوقف عن المسير في اتجاهكم، وأن يتحقق موعد اللقاء، ومهما قال القوالون، ورغماً عن الوعثاء، وقلة الزاد، وطول السفر، فإننا لعهدكم حافظون... فإلى يوسف المشاري وعبدالوهاب المزين وعادل الرقم وفيصل الصانع، وإلى كل رفاقكم فرداً فرداً... حق لكم علينا أن نفعل لأجلكم أكثر مما نقول فقد كثر بشأنكم القوالون... وقل الفعالون".

كان ذلك النص هو إهداء وضعته في صدر كتابي "مدخل للتطور السياسي في الكويت" قبل ١٨ عاماً ومازال "القوالون" يتسيدون الموقف العام، ويصرون على قيادة المجتمع نحو الهاوية، الكل يزعم احتكار الحقيقة، وليذهب الوطن للجحيم.

حديث الأسرى حديث ذو شجون ولابد أن نعطيه حقه في وقت لاحق. أما الغزو فهل يعقل مثلاً أن يظل تقرير لجنة تقصي الحقائق البرلمانية الخاصة بالغزو سريا؟ أليس من المفترض أن يدرس بالمدارس لكي يتعامل المجتمع بواقعية مع الكارثة المسماة غزواً؟ نخبنا السياسية، حكومة ونواباً، حينذاك، اتفقوا على تسمية اللجنة تقصي حقائق، تقليلاً من أهميتها السياسية، وبعد مناورات حكومية، لكي لا تصبح تحقيقاً. فلنتخيل مجتمعاً يتعامل مع زوال الدولة بدرجة أقل من قضية فساد، فتشكل للغزو وضياع الدولة ودمارها وبشر قدموا أرواحهم فداء، لجنة تقصي حقائق، بينما تشكل لجان التحقيق لقضايا أقل من ذلك بكثير. والمؤسف انه حالما وضعت اللجنة تقريرها، التي بذلت به جهداً مشكوراً، أصبح التقرير سرياً ووضع على الرف. وهنا لن أتحدث عن أجزاء من التقرير تم تسريبها للإعلام أو المواقع الإلكترونية، بل عن الموقف الرسمي للمجتمع حكومة ونواباً ومجتمعاً مدنياً. فهل هذا سلوك مجتمع يريد أن يتعلم من أخطائه؟ ولا أتحدث هنا عن محاسبة الذي تسبب في التقصير، بل التعلم من الأخطاء خاصة عندما تكون بحجم ضياع بلد وضياع أرواح زكية من خيرة أبناء البلد.

نحن، كما يبدو، لا نرغب في أن نتعلم من أخطائنا، بل نصر وكأننا نستمتع بارتكاب أخطاء جديدة أكثر مأساوية، وكأن مهمة بعضنا في هذه الحياة تدمير المجتمع برمته، وكأن ذلك البعض لن يهنأ له بال إلا بالجلوس على أنقاض المجتمع غير مبال.

هل تعلمنا شيئاً من مأساة الاحتلال، وهل نجحنا في درس الغزو؟ للأسف لم ينجح أحد، فالطريق مازال أمامنا طويلاً، وليحفظ الله الكويت ولا حول ولا قوة إلا بالله.