لا شك أن ترك مشكلة مجهولي الوالدين هكذا ومن دون بذل الحلول الاستثنائية سيعمل على زيادة أعداد نزلاء دور الحضانة عاما بعد عام، بينما تقف إدارة الحضانة وحدها تعاني نقصاً في الموارد البشرية وازدياداً في المشكلات النفسية والاجتماعية التي يعانيها النزلاء والتي تتطلب زيادة في الجهود التخصصية لمواجهتها.

Ad

أول العمود:

ترك مجريات الأحداث في ملف البدون على ما هي عليه تنبئ بتدخل وضغوط دولية لحلها.

***

دقّ مدير إدارة الحضانة العائلية د. فهد الوردان في تحقيق صحافي رصين نشرته الزميلة "عالم اليوم" بتاريخ 11 يوليو الجاري ناقوس الخطر بشأن شيوع ظاهرة الأطفال اللقطاء في الكويت خلال الأعوام الأخيرة، حيث بلغ تعداد النزلاء والمستفيدين من خدمات الإدارة 922 حالة، أي ما يقارب الـ1000 نسمة، وهو رقم كبير يعكس مدى التعقيد الذي تفرضه المعادلة السكانية المشوهة والمتنوعة الثقافات والديانات، وكذا المستويات الاجتماعية والاقتصادية للوافدين في مناطق مختلفة من محافظات الكويت.

وتأتي مشكلة مجهولي الوالدين وتزايدها في الكويت ضمن الأسباب التي توفرها أي بيئة "معطاءة"، فهناك الجنسية الكويتية التى يكتسبها مجهولو الوالدين فور قبوله في الحضانة، وبعد سن الـ21، والتشكيلة الواسعة للجنسيات التي تدخل إلى الكويت يوميا والتي يحمل بعضها أمراض مجتمعاته وسلوكهم الاجتماعي الذي لا يتلاءم بالضرورة مع تقاليد البلد وظروف معيشته، وهذه المسألة مرتبطة كما نرى بتجارة الإقامات التي تتسبب فيها بشكل أساسي الشركات الكبيرة التي تجلب أعداداً مهولة من العمالة، عجزت الحكومة واللجان البرلمانية عن الحد من مخاطرها.

إلا أن الأمر المهم والمعطل والذي أثاره مدير الإدارة السيد الوردان هو في عدم البتّ في مشروع البصمة الوراثية للقاطنين في الكويت، والذي أرجعه إلى عدم اهتمام إدارة الأدلة الجنائية بها كفكرة، ومعروف أن هذا الإجراء لو تم تدشينه فسيحدّ بشكل واضح من أعداد المحالين إلى الدار بشكل مستمر سنوياً.

كثير من مشكلاتنا تنمّ عن عدم اهتمام المسؤولين بالقيام بواجبهم الطبيعي، وتأتي مشكلة مجهولي الوالدين كدليل على ضياع المسؤولية بين وزارات الداخلية والشؤون الاجتماعية والعمل، فهذه الجهات مسؤولة عن دخول العمالة إلى البلاد ومتابعة المشاكل السكانية والاجتماعية والأمنية الناتجة عنها، بينما يأتي مشروع تعميم البصمة الوراثية من صميم عمل الجهات الأمنية.

ولا شك أن ترك مشكلة مجهولي الوالدين هكذا ومن دون بذل الحلول الاستثنائية سيعمل على زيادة أعداد نزلاء دور الحضانة عاما بعد عام، بينما تقف إدارة الحضانة وحدها تعاني نقصاً في الموارد البشرية وازدياداً في المشكلات النفسية والاجتماعية التي يعانيها النزلاء والتي تتطلب زيادة في الجهود التخصصية لمواجهتها، فهل يعي المسؤولون في الوزارات التي ذكرناها أهمية وضرورة تعاونهم لمصلحة أمن المجتمع؟