الفنان حسين ماضي... «لاعب أشكال»

نشر في 09-10-2012 | 00:01
آخر تحديث 09-10-2012 | 00:01
No Image Caption
صدر عن مكتبة «أنطوان» في بيروت كتاب «حسين ماضي لاعب أشكال»، ويتضمن مجموعة من لوحات ومنحوتات الفنان تمثل مراحل مختلفة من مساره الطويل ومرفقة بنص للشاعر عباس بيضون كتبه عن زميله الفنان في ما يشبه حوار بين الكلمة واللوحة.
جاء كتاب «حسين ماضي لاعب أشكال» في طباعة أنيقة تتناسب مع لوحات الفنان صاحب التجربة المميزة، الذي لقب بـ{بيكاسو العرب» نظراً إلى ألوانه وأشكاله التي يبتكرها أو يرسمها.

ماضي اختار عباس بيضون ليكتب عنه، فهو الشاعر صاحب التجربة في الكتابة والمقاربات عن الفنانين التشكيليين والنحاتين، من سلوى روضة شقير إلى أمين الباشا ورفيق شرف وسمير صايغ يوسف عون وريم الجندي. حتى إنه كتب قصائد عن لوحات للفنان سمير خداج، وتتميز مقارباته النقدية بمنهجها المتعدد، «تحليلاً وتأويلاً جمالياً وتشريحاً بنيوياً، علاوة على الروح الشعرية التي تسمح له كناقد في التعمق كينونياً في اللوحة والمنحوتة». توغّل نصّ بيضون في ثنايا اللوحة وعوالم الفنان، فجعل الكاتب نصّه مدخلاً إلى قراءة، أو محاولة قراءة اللوحة التي ابتكرها الفنان.

حمل غلاف الكتاب التعريف الآتي: «كتابة نص عن فنان في وزن حسين ماضي بالعربية مروق عن قاعدة لا نعرف كيف استقرت في ثقافتنا وهي تقديم الفنانين العرب بغير لغتهم أي بالفرنسية والإنكليزية، تقليد كهذا ينفي الفنان إلى لغة غريبة ويبعده عن تلك التي شكلت في الغالب، جلده وعصبه. هذا الكتاب بقلم شاعر وهو لذلك قراءة لفن ماضي بحساسية مركبة وبحث عما فيه من رؤية ونص تشكيلي وأبجدية جمالية وحس بالعالم».

من خلال هذا التعريف، تكسر مكتبة «أنطوان» التقليد السائد في أن الفنانين ينشرون كتباً عن لوحاتهم وأعمالهم إما بالإنكليزية مرفقة بالعربية أو بالإنكليزية بمفردها، والهدف من هذا التعريف القول إن اللغة العربية قادرة، كما أثبت بعض النقاد، على احتواء المعجم النقدي التشكيلي العالمي الحديث.

بالأبيض والأسود

ليست المرة الأولى التي يكتب فيها بيضون عن ماضي، وهو يعتبر أن ماضي لطالما عُرف بتملكه أدواته في الرسم والنحت بالأبيض والأسود، وبالألوان يعرف كيف يمزجها وكيف يحولها إلى موجباتها فتحتل موقعاً مهماً في الفضاء المديني. يرسم ماضي أشكالا حادة ومستقيمة ذات زوايا وأنصاف دوائر، وحروفية وأبجدية ومجازات في الوزن والحجم والثقل والزوايا الصريحة والقطع ونتوئها حد كسور جارحة بين التجسيد والتجريد. ولوحته ليست عاطفية على الإطلاق بحسب توصيف بيضون، وتصد العاطفة قليلاً عنها. أي أنها ليست غنائية مطلقاً. إنها صارمة أولاً، متحملة بنفسها وحدودها وخطابها وزواياها وقواطعها وبنائها المحدد الواضح مع بعض القسوة والتحديد. لكنها «ليست لوحة سهلة بل مصنوعة من قوة اعتراضية لا يمكن اقتحامها ببساطة، إنه تقريباً التوتر والعنف، يتبع رؤية الفنان الاعتراضية على التماهي الرومنطيقي والمثالية الرمزية والسيولة والشاعرية الانطباعية...». وفي مكان آخر يقول: «في اللوحة لا تفاصيل غير ضرورية، ولا إضافات تنميقية، ما يفعله ماضي هو فن الأساس، يصنع حروفه، أشكاله الزخرفية، أشكال الأساس، يؤلف فوراً منها، لذلك لا هوامش في اللوحة، إنها كلها مثنى، أو كلها واجهة»...

 يضيف بيضون: «وماضي بحق لاعب أشكال بقدر ما هو صانع أشكال، إنه أيضاً في نقطة التوتر بين الإرادة والحرية فماضي لا يصنع أبجديته لكنه أيضاً يصنع عالمه الذي يملك في أحيان ما وجوداً فيزيائياً. انه لا يعود دائماً إلى وحداته البسيطة فحسب ولكنه يعود أيضاً إلى موضوعاته. له القدرة على ان يقضي العمر كله بين حيواناته الأثيرة ونباتاته الأثيرة ونسائه الأثيرات وداخلياته الأثيرة أيضاً»(...) ان عالمه الذي يملك نزوعاً إلى الوحدة والتكرار هو أيضاً العالم الذي يمتلئ أكثر فأكثر، ويفاجئ عند كل منعطف بانتصار على قواعده، أو باختبار جديد لها أو بقدرة على تحويلها إلى ما لا يبدو أبداً أنها تتأهب له. إنه يدهش فنه ويوسع باستمرار مساحته التعبيرية، ويقوده كل مرة إلى إيغال جديد وصورة جديدة. إنه يرينا كم أن رحلة في العمق وتركيزاً متزايداً هما بلا استنفاد ويمكنهما أن يتجليا في انتشار أفقي ومساحات أخرى للإبداع».

back to top