هل سيندم الأميركان؟

نشر في 16-09-2012
آخر تحديث 16-09-2012 | 00:01
No Image Caption
 حسن العيسى هل ستعض إدارة أوباما إصبعها ندماً وتوسوس نفسها وتتحسر على وقوفها مع حركة الربيع العربي في تونس ومصر بالبداية، بعد أن أعطت الضوء الأخضر لعسكر مصر بأن يرفعوا الحماية عن حسني مبارك ويتركوا الشعب المصري يختار مصيره؟!

هل ستندم أميركا على مساندتها – المعنوية على أضعف الإيمان- لحركات الشعوب في المنطقة بعد أن شاهدت سفيرها المسكين في ليبيا يموت مختنقاً بسبب هجوم عصابات "القاعدة" أو "فلول" القذافي على القنصلية الأميركية في بنغازي؟ وكأنه هو وأوباما أنتجا الفيلم الساقط، ورأت تلك الإدارة مشهد الجماهير التي تحتشد من أقصى الجنوب الإسلامي حتى أبعد نقطة في شماله، ومن شرقه إلى غربه، ضد "شريط "يوتويب حقير يحط من قدر الرسول، يبدو أن أنذالاً متعصبين من اليمين الأميركي نشروه، وتلقفه برحابة صدر متعصبون سلفيون في الأمة العربية، ووجدوا فيه فرصة لإحراج حكومة الرئيس مرسي، ولتمسح، بالتالي، كلمتي "إسلامي معتدل" من قاموس الحكام الجدد القادمين إلى المنطقة! هل ستتذكر الإدارة الأميركية اليوم عبارة "برنارد لويس، وجورج دبليو بوش" بعد 11 سبتمبر "لماذا يكرهوننا؟"، وتعيد بمرارة مثل هذا السؤال بعد أن قدمت إدارة أوباما "هدايا" صواريخ "توم هوك" القيمة التي دمرت قواعد القذافي. مثلما قدمت سابقاً صواريخ ستنغر للمجاهدين الأفغان، والآن تسلمت جزاء سنمار؟

هو قصر نظر لمن يتصور أن إدارة أوباما أخطأت في مساندتها لبعض دول الربيع دون البعض الآخر، وصاحب وعي غائب ومسطول من يتصور أن الحال العربي السابق (أيام الدول التسلطية) كان أفضل من حالنا اليوم، وبالتالي سيقول للغرب ولأميركا "زرع زرعتيه يا الرفله اكليه".

فتلك الدول تعلم أن الإرهاب والتطرف الديني بداية لم ينزلا من السماء، وإنما هما حركة تاريخ مستمرة وأمراض معدية كامنة في الجسد العربي المتخلف، وأن الأنظمة التسلطية في دول العرب مع أميركا ساندت وقوّت شوكة التطرف واستغلته في ثمانينيات القرن الماضي لتصفية حسابها مع الإمبراطورية السوفياتية... والأنظمة العربية وجدت، مرة، في جماعات الإرهاب وسيلة لتبرر استمرارها كحليف للغرب حين تضرب تلك الحركات، ومرات أخرى زايدت مع القوى الدينية المتزمتة لتسند بها شرعيتها الدينية وتعوضها عن فقدانها للشرعية الديمقراطية.

حرية الشعوب العربية مهما التصق بها من شوائب التشدد الديني أحياناً، أو التعصب العرقي والطائفي والقبلي في أحايين أخرى، ستبقى، والأميركان قبل غيرهم يعلمون ذلك جيداً، وليس لنا من خيار غير أن نتعود ونتقبل التغيير بقضه وقضيضه، ويبقى الأمل أن القوى الإسلامية المتزنة ستقف حائلاً ضد جماعات الهوس الديني، ومقالة خيرت الشاطر نائب المرشد العام للإخوان في مصر (نشرت بنيويورك تايمز عدد الخميس) كانت ملهمة، وشخّصت واقع ثورات الربيع مهما كرهنا الكثير من نتائجها، فلنصبر، فليس لنا سكة أخرى نسير بها، فالطريق الليبرالي مغلق تماماً اليوم، فالنخبوية لا تحرك الشعوب حين يكون الفقر أو الجهل هما سيدَي الأحكام.

back to top