لماذا تشكل الدوائر الانتخابية أزمة؟
أول العمود:تقرير للكونغرس الأميركي بشأن مبيعات الأسلحة يؤكد ارتفاعاً ساحقاً للصفقات الأميركية في عام 2011، حيث بلغت 66 مليار دولار، حصة السعودية منها 33 مليارا، والكويت 3 مليارات و200 مليون دولار، ويرجع التقرير سبب الزيادة للتوتر في المنطقة العربية، ولا عزاء للتنمية!!
***هناك مشكلتان بشأن العلاقة بالقوانين في الكويت، الأولى في عدم تطبيق بعضها لأسباب مختلفة، والثانية بسبب نقص تشريعات عديدة، ويمكن أن نضرب مثالاً على الحال الأولى بقانون تجنيس ما لا يقل عن 2000 شخص سنويا لحل مسألة عديمي الجنسية، أما الوضع الثاني فيظهر في عدم وجود تشريع لوسائل الاتصال الإلكتروني كمثال. ويبدو أن موضوع الدوائر الانتخابية الذي استهلك الساحة سياسيا بدون نفع يحتاج إلى تحديث، وذلك بإنشاء هيئة أو مفوضية عليا للانتخابات وتشريع قانون جديد يضمن لها النظر الدوري في تقسيم أو تعديل أو إعادة ترسيم الدوائر، ومعلوم أن كلا الأداتين لا تتوافران في بيئة العمل السياسي لدينا بشقه القانوني، ولذلك يحدث أن تتم عملية التعديل إما بتدخل غير حميد من السلطة كما حدث في عام 1980 عندما جرى التعديل من 10 إلى 25 دائرة، وأثناء حل مجلس الأمة، وإما بضغط من الشارع كما حدث عام 2005 ضمن حملة "نبيها خمس" الشعبية.أي أن السلطة والحراك الشعبي حاولا بالتقاسم إجراء التعديل وفقا لمرئياتهما، وتبين أن كلا الاجتهادين يعتوره النقص بسبب عدم الإلمام الكافي بتفاصيل الموضوع، أما المقترحات النيابية التي قدمت على مر السنوات السابقة من عمر البرلمان، فهي بالعشرات لكن مبدأ الحيادية فيها يبقى رهنا لموضوعية مقدميها، وهي موضوعية نادرة وتغلب عليها المصلحة الخاصة.الإجهاد السياسي الحاصل في الكويت يجب أن يخف، ويتم تقليله لأنه بدأ بالانحراف إلى مناطق لا تفيد استقرار البلد، وما يجب فعله الآن في الشق الخاص بالعملية الانتخابية هو إصدار تشريع إنشاء هيئة الانتخابات لتكون جسما دستوريا مستقلا في عهدتها كل تفاصيل وإجراءات الانتخاب، بما في ذلك تقديم تقرير دوري عن تطور أعداد الناخبين وظهور مناطق سكنية جديدة، ويضاف إلى ذلك تشريع قانون لمراجعة الدوائر الانتخابية يمنح الهيئة صلاحية المراجعة كل خمس سنوات على الأقل، وتقدم على إثره تقرير إلى البرلمان للنظر فيه، وبذلك نضمن أن تسير عملية الانتخاب وشروطه بشكل سلس وروتيني ودون استقطاب سياسي كالذي يحصل الآن.ما نريد أن نصل إليه أن تعديل الأنظمة الانتخابية في العالم المتحضر تجري بشكل دوري من خلال الهيئة أو المفوضية العليا للانتخابات، والتي يحدد القانون تشكيلها وتبعيتها وصلاحياتها، وهو إجراء يتعامل مع العملية الانتخابية وكأنها كائن حي يحتاج عناية دورية كما هي الحال في أعمال الإحصاء السكاني الذي يتم بعد كل خمس سنوات، أما الحال عندنا فإنها تترك المجال للتدخلات غير المدروسة كما حدث بالتفرد الحكومي عام 1980 أو عام 2005.ملاحظة أخيرة: إن تطبيق ما ذهبنا إليه لا صلة له بجودة مخرجات الانتخابات كما يعتقد البعض، فذلك موضوع آخر له صلة بجهود المجتمع في محاربة الفساد في نطاقه الأوسع، والذي يبدو أن الحكومات الكويتية غير قادرة على محاربته بالشكل المطلوب، وهو أحد أبرز أسباب عدم الاستقرار السياسي لدينا.