العالم يراقب انهيار سورية... والسيناريوهات مرعبة

نشر في 12-12-2012
آخر تحديث 12-12-2012 | 00:01
 واشنطن بوست يبدو أن أكثر ما يثير الخوف بشأن سورية من وجهة نظر الغرب هو الفجوة القائمة بين السيناريوهات المرعبة التي يناقشها كبار المسؤولين حول ما يمكن أن يحصل واستراتيجياتهم الضبابية لمنع تلك السيناريوهات.

داخل إدارة أوباما، يشبّه البعض سورية راهناً بنسخة عن الصومال، لكن يكمن الفرق في واقع أنها تقع في قلب الشرق الأوسط وتملك ثالث أكبر مخزون من الأسلحة الكيماوية في العالم. وصف أحد المسؤولين حديثاً الوضع المحتمل في المستقبل القريب، فتوقع أن تتحول الحرب الأهلية القائمة راهناً بين طرفين إلى حرب شاملة حيث تقاتل القوى السنّية الأكراد وتتقاتل أيضاً فيما بينها أو مع بقايا الطائفة العلوية ضمن جيش بشار الأسد، وتوقع أيضاً أن يفرض فرع "القاعدة" المعروف باسم "جبهة النصرة" سيطرته على أجزاء مهمة من البلد، وألا يأتي خطر استعمال الأسلحة الكيماوية من النظام فحسب بل من أي قوة أخرى تستولي على مستودع للأسلحة الكيماوية.

عبّر مسؤول فرنسي بارز في واشنطن عن رؤيته الخاصة في الأسبوع الماضي: بعد خسارة المعركة في دمشق، قد يقرر الأسد وقواته الانسحاب على مرحلتين، فيتوجهون في المرحلة الأولى إلى مدينة حمص المركزية ومحيطها على طول الحدود اللبنانية، ثم إلى المعقل العلوي على طول الساحل السوري الشمالي كملجأ أخير. لن يتحقق هذا السيناريو على الأرجح خلال أسابيع، لكن من المتوقع أن يحصل ذلك خلال أشهر.

كيف يمكن منع هذه التطورات؟ تستعد الولايات المتحدة وفرنسا، إلى جانب بعض الحلفاء العرب والأوروبيين، لعقد مؤتمر دبلوماسي آخر هذا الأسبوع في مراكش، المغرب. هم يتمنون تقوية الائتلاف السياسي المعارِض الذي أسّسوه معاً في الشهر الماضي باسم "الائتلاف الوطني السوري". ستعترف به إدارة أوباما على الأرجح كحكومة شرعية لسورية. على صعيد آخر، سيزداد الهجوم على "جبهة النصرة" التي ستُضاف إلى لائحة المنظمات الإرهابية وفق تصنيف وزارة الخارجية الأميركية.

لا أحد مقتنع بأن هذه التدابير ستمنع السيناريوهات الكارثية، ففي المقام الأول، يجب أن يقيم الائتلاف روابط متينة مع وحدات الثوار في أنحاء البلد، علماً أن تشكيل مجلس عسكري ثوري جديد خلال نهاية الأسبوع كان خطوة في الاتجاه الصحيح. يحصل الائتلاف على الأموال من فرنسا وبعض الحكومات الأخرى، لكن اعتبر محامو وزارة الخارجية الأميركية أن الولايات المتحدة لا تستطيع تمويل منظمات الثوار مباشرةً. في غضون ذلك، تكثر المساهمات التي تستفيد منها وحدات "القاعدة" من المملكة العربية السعودية وأماكن أخرى.   

لضمان فاعلية الاستراتيجية الأميركية، تتوقف رؤية الولايات المتحدة على مجموعة عجيبة من الأحداث غير المتوقعة. أولاً، سيسيطر الائتلاف على معظم قوات الثوار، ثم ستُجبِر روسيا أو العلويون المنشقون الأسد على التنحي، ثم ستحصل مفاوضات تؤدي إلى الاتفاق على حكومة انتقالية.

أما السيناريو الأقرب إلى الواقع، فهو أن يكون الغرب محظوظاً بما يكفي، فينهار نظام الأسد قريباً في دمشق. خلال مرحلة الفراغ الناجم عن سقوط النظام، سيعترف العالم الخارجي بالائتلاف وستسير سورية ومعظم الثوار فيها على خطى ليبيا المضطربة، فتنشأ حكومة هشة تتعايش مع الميليشيات (بعضها متحالف مع "القاعدة"). لكن يكمن الفرق في واقع أن أي توسّع لنشاط الإرهابيين وكميات الأسلحة لن يؤثر في مالي بل في إسرائيل وتركيا والعراق والأردن.

لكن من المستبعد أن يتحقق هذا السيناريو أيضاً لأن سيناريوهات الغرب الجهنمية لا تبدو سيئة جداً بالنسبة إلى الأسد ومعظم النخبة العلوية (وطبعاً حليفتهم الأساسية إيران). ستستنتج الأقلية الحاكمة أن الاختباء في معقل معين هو أفضل من المجازفة بالهلاك على يد السنّة الحاقدين. وقد تعتبر إيران الشيعية أن أداء دور تخريبي في سورية التي تعمّها الفوضى هو أفضل من أن تصبح حليفتها الاستراتيجية جزءاً من المعسكر السني الخصم.

إذا اتخذت الحرب السورية هذا المسار المتوقع، فكيف سيحمي الأميركيون وحلفاؤهم مصالحهم؟ يبدو أن المسؤولين لم يحضّروا أي خطة عدا تمنّي عدم تحقق السيناريوهات التي يفكرون بها. في المقام الأول، لا بد من معرفة ما إذا كانت القوى التي يفضّلها الغرب (أبرز وحدات القتال الثورية) مسلحة ومجهزة على الأقل بقدر العلويين والمجاهدين. لكن حتى الآن، تضمن الولايات المتحدة حصول عكس ذلك لأنها تحرم الثوار العلمانيين من المساعدات العسكرية مع أن الحكومات الإسلامية تسلّح الجهات المفضلة لديها.

في ما يخص الأسلحة الكيماوية، يأمل الغرب ألا يكون الأسد جدياً بشأن استعمالها، مع أن التقارير تشير إلى أن قواته خلطت المواد لدسّ غاز السارين القاتل في القنابل. ماذا لو فعل ذلك حقاً؟ كرر الرئيس أوباما في الأسبوع الماضي تحذيره من "العواقب" المترتبة على استعمال تلك الأسلحة، لكن هل ستكون الولايات المتحدة مستعدة فعلاً لتنفيذ تحرك عسكري سريع في حال حدوث هجوم مفاجئ بالأسلحة الكيماوية؟ إذا لم تكن مستعدة لذلك، كيف يمكن وقف تلك الأعمال الوحشية؟

* جاكسون ديهل | Jackson Diehl

back to top