* ليست المسألة متعلقة بمقدار حبك، بل بكيفيّة حبك!

Ad

كمّ الحب الذي تُكنّه لشخص ما، غالباً لا يكون شفيعاً كافياً لإبقاء سماء الحب مرفوعة بلا عماد، وليس كافياً لإبقاء قمره بدراً مكتملاً زمناً طويلاً، ولا يغري الفضة أن تنسكب في كأس نجومه أبد الليل،

مهما بلغت كميّة الحب، فذلك لا يعني أن هذه الكمية هي الضمانة الأساسية لإبقاء قلب من تحب دافئاً، ونضراً، ونديّاً.

كميّة الحب لا تنسج شالاً، ولا تكتب الأغاني للعصافير، ولا تمنح مرافئ للنوارس، ولا ماءً للشجر، ولا مظلة تقي حرارة شمس الظهيرة،

وهي أيضاً ليست طوق النجاة من الغرق،

لا تتبجح بأن قلبك يحمل حبّاً كبيراً، فذاك لن ينفعك،

إن ما ينفعك حقاً الكيفية التي تحب فيها،

طريقة التعبير عن حبك هي ما يجعل حبك "أكواريوم" مشتهى لأعشاب البحر والأسماك الملونة وشعب المرجان الخلّابة،

ليس مهماً أن تحب حبّاً كبيراً، ولكن أن تحب حبّاً أنيقاً وغنيّاً بالتفاصيل الصغيرة الحنونة،

التفاصيل الصغيرة تثري ذاكرة الحب، فيصعب على الزمن أن يجدوله في أرشيف النسيان،

الاهتمام والرعاية للحبيب تمسح الغبار عن زجاج قلبه، تجعل ذلك القلب شهيّاً للنظر، وفي ذات الوقت تمكنه من الرؤية بصفاء،

وهذا الاهتمام لا يتطلب منك أكثر من التعبير الرقيق عن خوفك عليه من كل ما يمكن أن يمسّه من سوء، واهتمامك بحياته اليومية دون محاولة تسييرها كما تشاء،

لمسات بسيطة قد تعني لمن تحب الكثير، تذكيره بموعد هام لديه، الاطمئنان عليه بعد مراجعته للدكتور بشأن طارئ صحي، الاطمئنان على وصوله سالماً إلى حيث يريد، رسالة صباحية مع أمنية بيوم سعيد له، مفاجأته بهدية غير متوقعة، أخذه بحضنك لحظة انكسار، تهيئة سبل الراحة له بعد يوم شاق، الحرص على تجنب ما يكدّره... إلخ. هذه السلوكيات التي تترك أثراً لا يمحى في قلب من تحب.

نعم الحب يحتاج إلى سلوكيات صغيرة، إلا أنها متواصلة، ولكنه قد لا يحتاج أبداً إلى أعمال بطولية خارقة.

يكفي قليل من الحب في قلبك وكثير من الاهتمام الملموس لتصبح نبتة الحب الصغيرة سنديانة ضخمة يصعب اقتلاعها،

لن يجدي كثير من الحب مع قليل من الاهتمام مهما بلغ مقدار حبك،

الكثير من الحب لن يجعل يد الفراق ترتجف حين تمتد لاجتثاثه،

الكثير من الحب ليس مصلاً ناجعاً ضد شيخوخة المشاعر،

لا يمنع الشيب من الزحف إلى مفرقها،

ولا يصلح أن يكون فزاعة لطائر الفراق،

الفراق لا يخشى سيل الحب الجارف، ولا هدير أمواج بحره الكبير المتلاطمة، وإنما يخشى جداوله الصغيرة التي تنساب بهدوء بين الصخور،

هذه الجداول الصغيرة هي ما يخشاها الفراق، لأنها تشكّل مع مرور الزمن خمائل لا يستطيع الفراق أن يزيلها من ذاكرة المحبين!

لا تظن أبداً أن حبك الكبير هو ورقة يانصيبك الرابحة لدى من تحب،

دائماً... الأهم من أن تُحِب، أن تعرف كيف تحب، بدون هذه المعرفة ستذهب كل مشاعرك أدراج الرياح.