الحرائق المتكررة التي تشهدها الكويت وبصفة خاصة في المناطق الصناعية والحرفية والتجارية تمثل وجهاً مهماً من خطايا الدولة وسقطاتها الكبيرة وعجز الأجهزة الحكومية المختلفة عن تطبيق القوانين واللوائح وقواعد الأمن والسلامة، فكلما شب حريق في منطقة تخزينية أو تجارية اكتشفنا مخالفات جسيمة في قواعد التخزين ووسائل الإنذار تنبئ عن أناس أصبحوا فوق القانون بسبب نفوذهم أو تقاعس الأجهزة والموظفين عن القيام بواجباتهم، رغم الزيادات والكوادر وخلافه من مميزات مالية تتوالى على العاملين في تلك الأجهزة مؤخراً.

Ad

ورغم المخالفات العديدة التي اكتشفت في أمغرة وسكراب الجهراء، فإنني أعتقد أن القنبلة الموقوتة والتي سيكون انفجارها كارثياً هي منطقة الشويخ الصناعية، التي أصبحت خارج نطاق سيطرة الدولة، و طفحت فيها المخالفات، ولو بدأت، لا سمح الله، الحرائق في الشويخ بسبب تراكم المخالفات وتكدس جميع الأنشطة فيها فإن العاصمة ستعاني آثاراً مفجعة، فمن يدخل الشويخ الصناعية يكتشف العجب العجاب، فالمنطقة خارج نظام المرور تماماً، وآلاف السيارات المعطلة والسكراب تحتل ساحات وأرصفة المنطقة أمام الكراجات، وتلاحظ المنجرة بجانب المطعم، والبنشرجي بقرب معرض الأثاث والنوفوتية! ومخزن الأصباغ بجانب ورشة الحدادة وخلفه مخازن الأخشاب والمعدات المختلفة، بينما يتم بناء "مول" وأكثر، يحتوي عشرات المحلات في وسط هذه الفوضى العارمة، وبترخيص من بلدية الكويت التي تعلم بالتأكيد وضع منطقة الشويخ الصناعية الخارج عن السيطرة مرورياً وتنظيمياً.

وفي ظل هذا الوضع الخطير لمنطقة الشويخ، التي يمكن أن نطلق عليها "عشوائية الكويت الكبرى" بجانب عشوائية سوق الصفافير وكراجات منطقة شرق التي تتوسط المركز التجاري وأبراج المكاتب في العاصمة، يحق لنا أن نطلب من بلدية الكويت أن تصف لنا وضع منطقة الشويخ الصناعية التنظيمي... فهل هي حرفية ومعارض أم تجارية أم منطقة تخزين إلخ؟... وهل تم بحث أثر تَوَسّعها ومنح تراخيص تحوّل قسائمها الحرفية الصناعية إلى "مولات" على العاصمة والمناطق السكنية المتاخمة لها؟... إنها بلا شك أسئلة مشروعة ومهمة نتمنى أن توضحها لنا بلدية الكويت وجميع الجهات التنظيمية المعنية في الدولة، وإلا فستكون منطقة الشويخ الصناعية وملاكها دولة داخل الدولة، مارقة على الدولة وأنظمتها وقادرة على أن تصدر ما تشاء من تراخيص بناء المجمعات والأسواق في منطقة لا تستوعب حالة الفوضى، ومع كل هذا يصدرون قرارات للسماح بذلك رغم كل عوامل التدمير والخراب الذي يمكن أن يصيب البلد من فوضى ومشاكل أمنية وبيئية لهذه المنطقة الحساسة في قلب العاصمة.

الجميع يعلم أن منطقة الشويخ الصناعية تعكس لدى العامة صورة "كباش" أو تحدي قطاع من أصحاب النفوذ لسلطة القانون، ولكن الأمر تجاوز الخطوط المقبولة والمعقولة حتى أضحى أصحاب النفوذ في المنطقة أنفسهم يطلبون تدخل الدولة لإنقاذهم من حالة الفوضى وغياب الدولة في الشويخ الصناعية، والتي تتطلب قراراً على أعلى المستويات للتعامل معها بما يسمح بعودة رجال الأجهزة الحكومية ورجل الشرطة والمرور لممارسة مهامهم داخلها، ودون ذلك فإن الشويخ الصناعية ستمثل تدهور الدولة وسلطتها، وستكون بالفعل دولة مارقة ومتمردة داخل البلد تهدد جيرانها ومحيطها بالفوضى والخراب.