زوجك عاطل عن العمل؟

نشر في 05-05-2012 | 00:01
آخر تحديث 05-05-2012 | 00:01
No Image Caption
أحبّيه أكثر من أي وقت مضى

البطالة آفة اجتماعية تخلّف وراءها آثاراً نفسيةً وجسديةً: همّ، معاناة، كآبة وإحباط! هكذا تكون حالة العاطل عن العمل الذي سرعان ما يفقد ثقته بنفسه فتنتابه أحاسيس سلبية من عذاب وتأنيب ضمير، لا سيما الشعور بالذنب إزاء محيطه وأفراد عائلته. حتى إنّ لهذه الحالة انعكاسات على الأولاد إذ تتجلّى عليهم علامات القلق والغمّ بينما يتراجع أداؤهم الدراسي. ما العمل عندما يقع شريك حياتك ضحية هذه الآفة؟

عندما يتمّ عزلك من العمل، إحرص على تحصيل حقوقك كافة من الشركة. لعلّ البطالة مرحلة صعبة في نظر الكثيرين! لكن لماذا لا تعتبرونها فترة نقاهة، بل رفاهية شخصية؟ فلا تكرهوا شيئاً عسى أن يكون خيراً لكم... فكِّروا في أنها ربما تكون فرصةً لكم للسعي وراء مشروع مهني جديد، أو للخضوع لدورة تدريبية، أو للبحث عن وظيفة جديدة، أو حتى للتوجّه إلى العمل الحرّ,,, لِمَ لا!

أهي يا ترى غلطة الفرد أن يكون عاطلاً عن العمل؟ إذا حللنا التصريحات التي يدليها رجال السياسة وأرباب العمل، أو حتى التدابير العامة المتمحورة حول الدمج الاجتماعي المهني، نفهم أن الإجابة غالباً هو «نعم». علاوةً على ذلك، نجد أن هذا الرأي منتشر انتشاراً واسعاً في صفوف العمّال الناشطين، حتى ولو سبق أن عانوا هم بذاتهم البطالة. بعبارة أخرى، على رغم ارتفاع مستويات البطالة في مجتمعات عدة، غالباً ما يعتبر الباطلون عن العمل أنفسهم مسؤولين ليس عن المشكلة التي يواجهونها فحسب لا بل أيضاً عن إيجاد الحلّ المناسب لها. من هنا يبرز تأثير البطالة على صحّة الفرد النفسية.

فوائد

لا شكّ في أنّ العمل يشغل حيّزاً كبيراً في حياتنا. في الواقع، يحمل العمل فوائد كثيرة قلّما نكون مدركين لها، أبرزها أنه يسمح بتبادل الخبرات، فيجعلنا على اتصال بالعالم الخارجي، فنتواصل مع أشخاص جدد خارج نطاق العائلة.

كذلك تساهم الأهداف والمشاريع الفردية المندرجة في إطار العمل في تقوّية شخصيتنا وتطوير ذاتنا، وتمنحنا الوظيفة، مهما كانت، مركزاً اجتماعياً وتولّد عاداتٍ يومية ونمط حياة روتينياً.

إضافة إل ذلك كله، يضمن لنا العمل القدرة الشرائية، بالتالي يحسن نوعية حياتنا.

يأس

البطالة إحدى المشاكل الخطيرة التي يمكن أن تترتّب عليها عواقب نفسية وخيمة تتلخّص في ما يلي:

- يعيش الفرد بطالته كهزيمة قد تعرّضه لحالة اكتئاب، وتعزله عن المجتمع وتزيد خموله وكسله.

- تولّد البطالة شعوراً بالذنب والعار كون الفرد عاجزاً عن فعل أي شيء.

- يمرّ العاطل عن العمل بمراحل عدة، أولها مرحلة الصدمة فيعيش حالة ضياع وتشوّش. تليها مرحلة ارتياب وشكّ إلى حدّ أنه يخال نفسه في عطلة. من ثمّ، تأتي مرحلة حدّة الطباع وسرعة الغضب والانفعال عندما يبلغ العاطل عن العمل ذروة الإحباط فيُظهِر عدائيةً تجاه الآخرين، لا سيما الأشخاص الذين يعملون. أخيراً، نصل إلى مرحلة الإكتئاب حين لا تعود لديه أي رغبةً في الخروج من البيت.

تقدير الذات

يُعدّ تقدير الذات أحد مفاتيح السعادة وراحة النفس. بيد أنّ البطالة تُشكّل الكابح الأقوى لتقدير الذات. في هذا الإطار، تمّ تحديد ثلاث مراحل يمرّ بها العاطلون عن العمل. في الأشهر الأولى، يتراجع تقدير الذات (الصدمة جرّاء خسارة الوظيفة)، ليعود إلى الارتفاع بعد ستة أشهر، قبل أن يستأنف التراجع بشكل تدريجي بعد مرور سنة... هذه التجارب المتكررة التي يعيشها العاطل عن العمل تؤثّر سلباً على تقدير الذات، إذ تحدّ من قدرة الفرد على السيطرة على وجوده.

من الآليات الأساسية لضبط تقدير الذات، أن يحدّد المرء مركزه مقارنةً بالأشخاص المحيطين به. وتظهر الأبحاث في هذا الشأن أن معظم الأفراد يحرصون على أن يكونوا «فوق المتوسّط». بيّنَت إحدى الدراسات الأخيرة أن 90% من الرجال يُقيّمون أنفسهم في مرتبة أعلى من رجل الأعمال المتوسّط، وأن 70% من تلامذة المدارس الكبرى يدّعون بأنهم يملكون طاقاتٍ فوق المعدل، وأن 90% من معلّمي المدارس يجدون أنفسهم متفوّقين على زملائهم...

غالباً ما نقارن أنفسنا بالآخرين بهدف ضبط تقدير الذات حين نواجه المشاكل. إلا أنّ نتيجة هذه المقارنة الاجتماعية تختلف بحسب تقديرنا لذاتنا. فذوي تقدير الذات العالي يتعمّدون مقارنة أنفسهم بمن هم أدنى مستوى منهم («ثمة من هو أسوأ حالاً مني»)، في حين أنّ ذوي تقدير الذات المنخفض يقارنون أنفسهم بمن هم أفضل منهم («ثمة كثيرون أفضل حالاً مني»). في جميع الأحوال، تبقى نظرة الآخر مقياساً أساسياً لتقدير الذات. في هذا الصدد، نرى أن باحثين كثيرين شبّهوا تقدير الذات بـ «مقياس اجتماعي»، واعتبروه بمثابة انعكاس عن الإحساس بالشعبية وبدعم الآخر. فكلّما أحسّ الفرد بأن الآخر يقيّمه تقييماً إيجابياً، تحسّن تقديره لذاته. من هنا، نفهم تلك المشاعر السلبية التي تخالج كيان الفرد الذي يجد نفسه بين ليلة وضحاها عاطلاً عن العمل.

اقتراحات

زوجك عاطل عن العمل؟ إليك بعض الاقتراحات لرفع معنوياته:

- اهتمّي بنظامه الغذائي: غالباً ما ننسى العادات الجيدة عندما نجد أنفسنا عاطلين عن العمل. والنتيجة هي الآتية: ننكبّ على الأكل من غير وعيٍ ظنّاً منا أن ذلك يساعدنا على التخفيف من التوتر، يزداد وزننا، نرغب في البقاء في البيت، نشعر بتعب دائمٍ... كلها عادات سيئة! لذلك، إذا كان زوجك عاطلاً عن العمل، ننصحك بأن تحضّري له وجبات صحيّة منتظمة وغنية بالفيتامينات.

- اهتمّي بمظهره الخارجي: حتى ولو كان زوجك يمضي معظم وقته في صياغة سيرته الذاتية وملء استمارات طلبات العمل، أطلبي منه ترتيب مظهره الخارجي في كل يوم كما ولو كان على موعد عمل. ذكّريه على الدوام بأنك تحبّين رؤيته بهذا الشكل.

- أخرجيه من البيت: استخدمي الوسائل الممكنة كافة لإخراجه من البيت. دعيه مثلاً يرافق الأولاد إلى المدرسة، أو يذهب إلى السوق للتبضّع، أو يقوم بزيارة أهله... المهمّ هو عدم تركه منغلقاً على ذاته بين أربعة جدران.

- ساعديه في استرجاع حياته الاجتماعية: كأن يتسجّل في نادٍ رياضي أو في مجموعات الشبكات الاجتماعية عبر الانترنت. فكلّما زادت اتصالاته وعلاقاته الاجتماعية قلّ اكتئابه. لا تنسي أنّ ذلك قد يفتح له آفاقاً جديدة تمكنه من إيجاد وظيفة.

- أحيطيه بأناس ظريفين: إحرصي على دعوة الأصدقاء المرحين والمسلّيين إلى البيت. اقترحي عليه فكرة ألعاب الطاولة كالشطرنج أو المونوبولي مع الأولاد. إستأجري الأفلام الكوميدية. إستخدمي كافة الوسائل الممكنة لجعله يضحك ولرفع معناوياته. واحرصي ألا يتعاطى مع الأشخاص المتشائمين المملّين.

علّميه أن يكون إيجابياً: علمّيه التفاؤل! أن يرى النصف الملآن من الكوب! ذكّريه بطموحاته واجعليه يحلم.

أحبّيه وقدريه: ذكّريه في كل لحظة كم تعشقينه وكم أن وجوده مهمّ في حياتك. قدّريه قدر الإمكان أمام عائلتك وأصدقائك. كوني متسامحةً، وصبورةً وحنونةً.

أُرسما معاً أهدافكما وأولوياتكما. تعرّفا إلى بعضكما أكثر وتعلّما أن تحبّا بعضكما أكثر. وتذكّري أن الثقة بالنفس ضرورية إذ إنها حجر الأساس التي ترتكز عليها خبرات المرء، وشخصيته، ونقاط قوته، ونجاحاته وإنجازاته وعلاقاته. احترمي قراراته وادعميه! كوني سنداً له في السراء والضراء! فوراء كلّ رجل عظيم امرأة عظمية...

back to top