تهديدات المالكي وحدت الشعب الكردي
ترك رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في حديثه المطول مع الوفد الإعلامي الكويتي الذي زاره مؤخرا كل إخفاقاته الإدارية والسياسية والأمنية وسرقات أعوانه المفسدين وفضائح صفقاته العسكرية المشبوهة مع روسيا والتشيك وأوكرانيا، ومساعداته المشينة للنظام السوري الوحشي، وتفرغ للحديث عن كردستان وشعبها، يبدو أنه دعا الوفد الكويتي إلى زيارته الميمونة فقط ليسمعهم بعض ما يجول في خاطره من حقد دفين على إقليم كردستان والحالة الحضارية المتطورة التي وصل إليها، وهذا العمل يذكرنا دائما بما كان يفعله الرئيس المشنوق صدام حسين عندما كان يدعو الوفود العربية العديدة إلى زيارته على حساب الدولة «طبعا» ليوصل تحذيراته للآخرين المعارضين لتوجهاته الفكرية والسياسية، فهو يقلده في هذا المجال كما يقلده في مجالات أخرى مثل إقصاء شركائه السياسيين وإصراره على الاستمرار في السلطة بأي ثمن، وعسكرة المجتمع، وتشكيل جيش مرتبط به وموال له، وغيرها من الصفات المشتركة بين الرجلين.ومن أول استقباله للوفد الزائر فتح نيران غضبه على الأكراد وبدأ بتوجيه سيل من التهديد والوعيد إليهم ويكيل التهم الجاهزة التي تعودت الأنظمة العراقية المتعاقبة توجيهها إليهم منها؛ الانفصال والتمرد على الحكومة المركزية ومحاولة شق الصف الوطني والوحدة الوطنية وما إلى ذلك من التهم الباطلة، المهم الرجل قال كل ما يريد أن يقوله وأظهر معدنه الحقيقي، وأصبح بفضل عدم خبرته السياسية وتدني مستواه الدبلوماسي وعدم إلمامه وجهله بالشعب الكردي ومعاداته المستمرة له «عدو الشعب الكردي رقم واحد» رغم أنه عاش فترة من عمره في كردستان معارضا، يتنعم في خيراته ويعامل بكل احترام، ولكنه ظل يجهل عنهم أهم صفتين متلازمتين وهما تمسكهم الشديد بالأرض وحبهم للحرية، يمكن للكردي أن يفرط بروحه وماله، ولكنه لن يستطيع أن يفرط بهاتين الصفتين أبدا، لم تجد الحكومات العراقية المتعاقبة منذ تأسيس الدولة العراقية، أي زعيم كردي عنده استعداد للتفريط بمدينة كركوك أو خانقين أو أي مدينة كردستانية أخرى، وظل يحارب تلك الحكومات ويتعرض لصنوف القتل والإبادة الجماعية، ولكنه لم يتنازل عن شبر من هذه الأراضي «المقدسة» ومثال على ذلك الزعيم الخالد الذكر «مصطفى البرزاني» الذي عرض عليه صدام حسين ومن قبله عبدالسلام عارف وكذلك عبدالكريم قاسم كل مغريات السلطة ومباهج الدنيا وزينتها على أن يتنازل عن «قسم» من مدينة كركوك ولكن رفض وأبى ودخل في معارك غير متكافئة مع تلك الحكومات، ولكنه لم يستسلم للأمر الواقع الاحتلالي المفروض بالقوة.
مهما فعل المالكي، وجيش الجيوش وعسكر المجتمع وهدد شعب كردستان بحرب عربية كردية أو استهدف اقتصاده وتنميته الاستثمارية المنتعشة وعمل على تقويض نهضته الحضارية الواعدة كما جاء في اللقاء، فلن يفيده في شيء إلا الجلوس على طاولة المفاوضات وتطبيق الدستور وخاصة المادة 140 منه التي تعالج قضية الأراضي الكردية التي انتزعها نظام صدام حسين من الأكراد بالقوة الغاشمة وعن طريق القمع والسلب والنهب، لا حل أمام المالكي إلا تطبيق هذه المادة المصيرية التي من أجلها شارك الأكراد في تحرير العراق ومن أجلها شاركوا في تشكيل الحكومة والبرلمان الجديدين، لم يتوحد الشعب الكردي من قبل بقدر ما توحد اليوم، والفضل يعود إلى تهديدات نوري المالكي، المعارضة والموالاة نبذتا خلافاتهما وتوحدتا في وحدة واحدة كالبنيان المرصوص، ووقفتا صفا واحدا أمام أطماع المالكي، الشعب الكردي اليوم في أحسن حالاته.* كاتب عراقي