الكاتب يسري حسان: «مسرحنا» تحتفي بالإخوان والكنيسة
«مسرحنا» أول جريدة مسرحية متخصصة في تاريخ الصحافة العربية، يرأس تحريرها الشاعر والصحافي المصري يسري حسان. صدرت الجريدة عقب حريق بني سويف عام 2005 وواجهت تحديات كثيرة بينما أدت دوراً مهماً في أبراز قضايا المسرح عربياً وعالميًا وتنمية الوعي به.
تواجه «مسرحنا» اليوم تخوفات شديدة بعد هيمنة تيار الإسلام السياسي على الحكم في مصر، لا سيما في ظل ابتعاد وزراء الثقافة بعد الثورة عن دعم المجلة التابعة أساساً لوزارة الثقافة، ما دعا رئيس تحريرها إلى المطالبة بعدم تكبيلها لمواصلة مسيرتها. «الجريدة» التقت حسان لإلقاء الضوء على التجربة قبل ثورة يناير وبعدها، ووصول الإسلاميين إلى الحكم في مصر، وتفاعل «مسرحنا» مع معطيات الربيع العربي، وانفتاحها على التيارات المسرحية كافة.
تواجه «مسرحنا» اليوم تخوفات شديدة بعد هيمنة تيار الإسلام السياسي على الحكم في مصر، لا سيما في ظل ابتعاد وزراء الثقافة بعد الثورة عن دعم المجلة التابعة أساساً لوزارة الثقافة، ما دعا رئيس تحريرها إلى المطالبة بعدم تكبيلها لمواصلة مسيرتها. «الجريدة» التقت حسان لإلقاء الضوء على التجربة قبل ثورة يناير وبعدها، ووصول الإسلاميين إلى الحكم في مصر، وتفاعل «مسرحنا» مع معطيات الربيع العربي، وانفتاحها على التيارات المسرحية كافة.
كيف جاءت فكرة إصدار جريدة «مسرحنا»؟
عقب حريق بني سويف 2005، تم الإعداد لمهرجان نوادي المسرح في الإسكندرية، لكنه لم يكتمل بسبب الحريق. آنذاك، طلب مني المسؤولون عن الهيئة العامة لقصور الثقافة إصدار نشرة يومية تليق بهذا المهرجان، وتعبر في جزء منها عن شهداء المسرح، فاعتذرت مؤكداً أن الشكل اللائق بمهرجان راح ضحيته حوالى 50 مسرحياً هو جريدة يومية تتابع فعاليات المهرجان وإنجازات الراحلين، لتكون وثيقة يحتفظ بها المسرحيون وأسر الشهداء. وافق المسؤولون على الطلب، وصدرت الجريدة في الإسكندرية بشكل يومي منتظم، وحققت حضوراً وطالب البعض باستمرارها بشكل أسبوعي، لتصبح «مسرحنا» أول جريدة متخصصة في المسرح في تاريخ الصحافة العربية.هل واجهت «مسرحنا» صعوبات في بداية إصدارها؟بالتأكيد. واجهتنا مخاوف كثيرة من إصدار جريدة متخصصة بالمسرح، فمن أين لنا بمواد صحافية ومقالات ودراسات ونصوص تساعدنا على الإصدار المنتظم؟ وظننا لبعض الوقت أننا قد نتعثر ولو قليلاً، لكن المفاجأة أن المواد التي توالت علينا، وتلك التي أعددناها أو طلبنا من الآخرين إعدادها أدت في ما بعد إلى غضب البعض منا، لعدم استطاعتنا نشرها كلها.بم تفسر الإقبال على الجريدة رغم تخصصها في المسرح فحسب؟حرصنا منذ البداية ألا تكون «مسرحنا» مجرد نشرة لأنشطة المسرح في وزارة الثقافة، وأن تمتد رعايتنا إلى جهات الإنتاج المسرحي كافة في مصر وغيرها من دول العالم العربي، وبعض دول العالم من مسرح هواة ومستقلين وجامعات ومدارس وشركات وكنائس، واكتشفنا أن مصر مثلاً تنتج ألف عرض سنوياً، سواء مسرح الدولة أو غيرها. كذلك ترجمنا حوالى 300 نص مسرحيّ من لغات عدة، من أوروبا وأميركا اللاتينية وإرتريا واليابان، و200 نص عربيّ. في السياق نفسه، راهنا على الشباب، من كتاب ونقاد، وقدمنا نحو 70 ناقداً شاباً يكتب معظمهم للمسرح للمرة الأولى، وفي الوقت ذاته لم نغفل الراسخين من النقاد والكتاب، كي يستفيد من خبرتهم القارئ وطلاب أقسام المسرح في الكليات المختلفة.هل واجهتكم مشكلات رقابية أو خطوط حمراء قبل ثورة يناير وبعدها؟اتخذت الجريدة منذ عددها الأول منهجاً مغايراً للمطبوعات الرسمية. حتى إن بعض المسؤولين أطلق عليها جريدة المعارضة. وللأمانة والتاريخ، كان اتفاقنا مع وزير الثقافة السابق فاروق حسني، أن ننشر ما نريد بعيداً عن أي رقابة، وهو لم يتدخل أبداً في سياسة الجريدة، وكان مؤازراً لنا عندما رفع البعض علينا قضايا. في المقابل، أؤكد أن كل وزراء الثقافة الذين جاؤوا بعد الثورة لم يمدوا لنا يد العون ، ومن بينهم أصدقاء شخصيون.انتقدت سياسات وزارة الثقافة في عهد فاروق حسني، أليس غريباً أن تنصفه الآن؟تلك شهادة على مواقفه، فقد كان أحد أكثر الداعمين والمتحمسين للجريدة، وكنا نقيم ورشة سنوية مجانية للتدريب المسرحي، ويشارك فيها أكثر من 300 شاب في مجالات التمثيل والإخراج والديكور والنقد، وكانت وزارة الثقافة هي الجهة الداعمة. وبعد خروج فاروق حسني، رفض الوزراء اللاحقون دعم الورشة، ولم نجد من يدعمها حتى الآن. كيف واكبت «مسرحنا» أحداث ثورة 25 يناير؟نشرت «مسرحنا» الكثير من النصوص التي تنبأت بالثورة، من بينها نص «قوم يا مصري» للكاتب بهيج إسماعيل. كذلك نشرنا نصوصاً واكبت الأحداث، وتابعنا ميدان التحرير وكل ميادين مصر، وغطينا الفعاليات المسرحية ونشرنا دراسات نقدية حول شكل المسرح بعد يناير ومضمونه.هل لديكم مخاوف على «مسرحنا» بعد وصول الإسلاميين إلى الحكم؟يلاحظ المتابع للجريدة أننا أول من كتب عن مسرح «الإخوان المسلمون»، ذلك في عهد الرئيس المخلوع، تماماً كما كنا نحتفي بالمسرح الكنسي، فنحن جريدة عامة ولا نحكم اتجاهاتنا السياسية في عملنا، ونفتح «مسرحنا» للتيارات كافة ما دامت تقدم مسرحاً اتفقنا عليه أو اختلفنا، ولا أظن أن التيار الإسلامي السياسي على هذه الدرجة من الغباء والعنف، التي تجعله يغلق جريدة تفخر مصر بأنها أول من أصدرها.كيف ترى محاكاة البعض لتجربتك أنت وجيلك في قصيدة النثر بالعامية المصرية؟بدأنا تجربتنا في التسعينيات، وكان رائدنا الشاعر الراحل مجدي الجابري، واكتشفنا وجود مئات الشعراء يسيرون على هذا النهج، فلم ننزعج لإدراكنا أن الشاعر الموهوب سيستمر، وأن التجربة لن تبقي المتعلقين بأذيالها ومن على غير وعي بها، إما عن عجز كتابة قصيدة موزونة، أو استسهال ومجاراة للموضة، وقد كنا على حق في تصوراتنا، إذ لم يتبق من هذا الجيش سوى عدد محدود من الشعراء الذين اشتق كل منهم طريقاً يخصه.ألا ترى أن قصيدة النثر سمحت بكثير من الفوضى الشعرية الراهنة؟تأتي كثرة عدد الشعراء الذين ينتمون إلى القصيدة الجديدة في صالح التجربة وليس ضدها، وفي النهاية لن يتبقى سوى الإضافات الحقيقية في تجربة العامية في مصر، وما دون ذلك سيسقطه التاريخ.ألم تلهمك تجربة «مسرحنا» لكتابة مسرحية شعرية؟شاركت في كتابة أشعار وأغاني عشرات المسرحيات. كذلك انتهيت من كتابة نصين أولهما «اللي جاي» لمسرح الشارع، والثاني «الشهداء يعودون هذا الأسبوع» لمسرح الشباب، عن رواية الكاتب الجزائري الطاهر وطار. أخذت الإطار فحسب، بينما الموضوع يدور حول شهداء الثورة المصرية. أشير هنا إلى أن الموضوع شائك، وربما يكون جارحاً للكثيرين ممن ركبوا موجة الثورة، وسيواجه بانتقادات كثيرة، فقد شاركت في الثورة منذ يومها الأول وتقدمت باعتذار رسمي عن العمل في مؤسسة صحافية أنتمي إليها، وربما لذلك أعرف الكثير من التفاصيل التي قد تظهر البعض على غير ما هو عليه الآن.