يقال دوماً إن أفضل ما يترجم ما يدور في صناديق الاقتراع إلى مقاعد برلمانية هو نوع النظام الانتخابي... وفي ظل المتغيرات والصيغة الانتخابية الجديدة نتابع الانتخابات التي انتهت قبل أيام عدة في ظل تقليص التفضيل والاختيار من أربعة نواب إلى نائب واحد. وقبل أن نستبق تقييم التغيير دعونا نعود بالذاكرة إلى المجلس المبطَل لنقوم بمقارنة سريعة بين المجلسين المبطَل والحالي:
• خلال انتخابات المجلس المبطل، وللمرة الأولى تمت مشاركة مراقبين دوليين إلى جانب مراقبين محليين من جمعية الشفافية ومنظمات المجتمع المدني ونسبة الاقتراع (59.5 في المئة) من بين 400296 ناخباً وناخبة، ولم تتم عملية الاقتراع إلا تحت إشراف 800 قاض رئيسي واحتياطي في 98 مدرسة موزعة. وما إن انتهت حتى عاد بعدها المراقبون الدوليون بانطباعات نشرتها الصحافة الأجنبية أبرزها غياب النساء عن البرلمان، ووصول التيارات الإسلامية عبر صناديق الاقتراع.• أما انتخابات المجلس الحالي؛ فالمشاركة 39.7 في المئة، وقد أفصح الوفد الدولي المكون من 22 خبيراً من 15 دولة عربية بالإضافة إلى هولندا والولايات المتحدة عن ملاحظات خاصة بالدوائر وغياب عامل العدالة، مما يثير التساؤل حول دور المجلس في تعديل نظام الدوائر، وأشار أيضا إلى اختراق البعض لفترة الصمت الانتخابي الخاصة بتوقف الإعلان الانتخابي، وأنا بدوري أتساءل عن كتابة المقالات من قبل المرشحين هل يعتبر إعلاناً؟ وهل الاستمرار في الكتابة يعتبر خرقا لفترة الصمت؟ أما الصحافة الدولية فقد أشادت بوصول الأقليات (على حد تعبيرها) والنساء، وعلى الاخص الأخت ذكرى الرشيدي التي شغل اسمها الإعلام العربي والأجنبي باعتبارها أول نائبة "قبلية" وصلت بصعوبة بالغة ومن الدوائر المحافظة. ومن أبرز أسباب الوصول بالإضافة إلى الصوت الواحد هو غياب معارضي المرأة عبر مقاطعتهم للانتخابات.• أما في ما يخص السلوك الانتخابي، فقبل انتخابات المجلس المبطل توقع كثيرون عزوفاً عن الاقتراع، بسبب الأحداث العنيفة سواء كانت لفظية أو فعلية وارتباطها مباشرة ببعض النواب، وحدث العكس في بعض الدوائر فخضعت للتعبئة السياسية وارتفعت نسبة الاقتراع عن المستوى المتوقع واستحسان المزاج الانتخابي أصحاب المواجهة والإثارة، مما أدى إلى الإطاحة بالمستقلين، واختيار التيار الإسلامي ذي القدرات التنظيمية العالية والاستخدام التكنولوجي المكثف.أما المجلس الحالي فقد جمع المستقلين الذين لهم استخدام محدود لوسائل التواصل الإلكتروني والسبب اجتماع العاملين معاً الصوت الواحد مع المقاطعة، الأمر الذي أبعد التجمعات السياسية من دخول العملية السياسية من باب الترشح، فاتجهت إلى المسيرات والتجمعات حاملة مشاعر مختلفة تجاه عملية التغيير.• كلمه أخيرة...المطلوب من بعض النواب الحاليين الناشطين اجتماعياً القيام بدورهم الاجتماعي في الدوائر ودعوة العناصر المؤثرة في الرأي العام بالإضافة إلى النواب السابقين الذين اختاروا المقاطعة أو العزوف عن السياسة للحوار وبدء صفحة جديدة.
مقالات
ما بين المزاج الانتخابي الهادئ والثائر
05-12-2012